خلصت الدول الست الكبرى وإيران إلى اتفاق إطاري يُمهد لاتفاق نهائي ينهي الجدل المستمر لسنوات بشأن برنامج إيران النووي، سارع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى طمأنة دول الشرق الأوسط واطّلاعهم على ملامح من الاتفاق، على رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والعاهل السعودي الملك سلمان، رغم الاحتفائية التي وجدها الاتفاق عند الأطراف الموقعة، وبعض الدول التي سارعت بمباركته مثل تركيا، لكن يبدو أن هناك ما هو غير قابل للاطّلاع عليه في هذا الاتفاق الذي قابله صمت خليجي أقرب إلى الوجوم لحظات الاتفاق، ولم تتحدث إلا صبيحته، الحديث المقتضب الذي أدلت به المملكة ركّز على التلميح لامتلاك نووي على عكس ما ذهبت إليه سلطنة عمان التي رحبت بالاتفاق. غير أن ما كُشف للإعلام، وما كتبه بعض المسؤولين الرفيعين الإيرانيين على صفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد أن إيران وافقت برحابة لافتة على تجميد نشاطها النووي لعشر سنوات، مقابل ماذا؟، هنا يكمن مضمون الاتفاق، الذي بدا للناس أن المقابل هو رفع العقوبات تدريجيا عن إيران بلوغا نهاية يونيو الموعد المضروب للاتفاق النهائي، غير أن السؤال الذي يلح هو، هل إيران الدولة المترفة اقتصاديا يؤثر عليها فرض عقوبات أو إسقاطها على النحو الذي يجعلها ترضخ إلى تجميد نشاطها النووي عشر سنوات طالما قاتلت من أجله. حينما وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابه الهستيري لأعضاء الكونغرس الأميريكي قبيل الانتخابات الإسرائيلية، التي كان موقف نتنياهو من إيران عاملاً حاسماً في أن تنتهي بفوزه. لم يكن نتنياهو- وقتها- مجرد متوجس فقط- حينما- قال: إن إيران موجودة الآن في دمشق وصنعاء وبيروت، إيران- بالفعل- كذلك هي تنظر هناك إلى الشرق الأوسط الآخذ في الاضطراب لتأخذ لنفسها وضعاً أقوى- فعليا- نجحت- بجدارة- في دمشق، وحوّلت الكفة إلى صالح حليفها الأسد، إذن مسألة رفع العقوبات- وإن كانت جزرة كبيرة- إلا أنها لا يُمكن أن تكون سقفا مقابل تجميد النشاط النووي، فإيران ليست السودان أو كوبا مثلاً حتى يكون سقفها رفع العقوبات- فقط. إيران تنظر إلى التمدد في المنطقة المتجاذبة أطرافها، غيابها الحاضر في هذه العواصم المهمة في المنطقة- ربما- يتحول- تدريجيا- إلى ما لا ترغبه دول الخليج الكبرى، وكذلك إسرائيل التي باركت "عاصفة الحزم"، إسرائيل لم تعلق على الاتفاق الإطاري إلا بجملة واحدة تبدو كأنها استجداء "يجب على إيران أن تقدم التزاما واضحا بحق إسرائيل في الوجود"، لكن يظل الاتفاق التأريخي بين إيران والدول الست مقترحا حتى نهاية يونيو موعد الاتفاق النهائي، الذي يبدو وشيكا، والذي إن مضى إلى الأمام، حتماً ستتغير المعادلة التي تتحكم في المنطقة الآن التيار