لا شك أن مبادرة السيد ثابو أمبيكي رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوي التابعة للاتحاد الأفريقي, فاشلة قبل أن تبدأ, وهذا ما قلناه مراراً وتكراراً, لكن اليوم, وبعد إعلان نظام الخرطوم رفضه حضور ملتقي التحضيري لحل الأزمة السودانية في عاصمة الاثيوبية أديس أبابا, ويعني أنه لن ينفذ بنود أي مهمة للأمبيكي, يمكن القول رسمياً إن المهمة قد فشلت, وتبقي علي امبيكي إعلان ذلك بنفسه. وعليه, فالسؤال الآن هو: وماذا بعد؟! هل من مبادرة أخري تمنح البشير فرصة قتل أخري؟! بالطبع هذا ما يخشاه العقلاء, فما يحدث بالسودان ليست أزمة بين طرفين, بل هي ثورة, وهي الثورة السودانية الحقيقية, وما نراه هو شعب أسير بيد عصابة حزب المؤتمر الوطني تقوم بقتل المواطنين بلا حسيب أو رقيب, والأمر لا يقف هنا فحسب, فالنظام الإخواني في السودان فتح النار أمس علي الحدود الجنوبية, وقتل مواطناً جنوبياً, هناك, وفي نفس اليوم فتحت مليشيات النظام أيضاً النار علي الحدود التشادية وقامت بقتل لاجئين سودانيين, مما يعني أن البشير يريد أشعال المنطقة بأي ثمن, فهل يمكن منحه فرصة أخري؟! أمر خطير, بل إنه كارثة, فإن حدث هذا الأمر فإن الخاسر ليس السودان وحده, أو الشعب السوداني, بل إنه المنطقة كلها, وأمنها الإقليمي. ومن هنا, يجب أن يصار اليوم تفعيل غرفة عمليات السودانيين الراغبين في إنقاذ السودان, سواء قوي المقاومة الثورية, أو أحزاباً... للتحرك من أجل فرض أمر واقع علي الأرض في السودان, وذلك حقناً للدماء السودانية. اليوم علي دولة جنوب السودان أن تحدد موقفها, وتتخذ خطوات أكثر عملية, فما يحدث بالسودان يمس أمنها, وسيادتها. واليوم علي دولة تشاد أن تحسم أمرها, وتخرج من المنطقة الرمادية, أو الضبابية, حيث فشلت كل الحلول, والمبادرات, وأخرها مبادرة أمبيكي, ليس لأن الأفارقة أو العرب, أو الغرب, أرادوا إفشالها, بل لأن البشير لا يريد إلا أن يحكم أو يقتل. علي دول أفريقية وخاصة دول الجوار السوداني أن تقرر أي مستقبل تريد للمنطقة, وحدودهم.. هل تريد الأفارقة السودان دولة خربة, يعقد علي سدته حاكم طاغية أسوأ من كل طغاة المنطقة, أم أن الأفارقة تريد السودان خالي من الطغاة, وذات مستقبل مسالم لمواطنيه, وجيرانه, والمنطقة كلها. وعليه, فلا بد أن يتحرك الراغبين (السودانيين), ويحسم كل من تشاد ودولة جنوب السودان موقفيهما, وقبلهما المعارضة السودانية عامة والمجتمع الإقليمي والدولي, وهذا أمر لن يتحقق من دون وحدة المعارضة السودانية, وأيضاً دون جولة دبلوماسية أفريقية من الدول القادرة بالمنطقة لحسم الأمر. فما يجب أن نعيه أن نظام البشير يقوم بالتصعيد المستمر, والدفع دائماً إلي حافة الهاوية ليصعب الحلول علي الآخرين, بمعني أن البشير يصعّب من قواعد اللعبة ليحد الآخرين علي التراخي, أو اتخاذ خطوات حاسمة يعرف أن المجتمع الدولي يتردد في مجاراته فيها. ولذا فلا بد أن يتحرك تحالف الراغبين ( الجبهة الثورية السودانية, أحزاب معارضة, وبقية فصائل المعارضة) ليرفع السقف أكثر علي نظام البشير, وبخطوات عملية وفعلية علي الأرض, فنظام البشير لا يفهم إلا لغة القوة, لأن البشير نفسه مؤمن فعلياً باستخدام القوة, وهذا ما سمعه بعض زواره منه حيث يقول "لا بد أن تخاف الناس", وهو الأمر الذي فشل تماماً في السودان. وعليه فلا بد أن يعرف البشير أن لجرائمه ثمناً يجب أن يدفع اليوم, وليس في يوم من الأيام! ومن هنا نقول: فشلت مهمة أمبيكي, فهل تتحركون؟! احمد قارديا خميس [email protected]