*وأبدأ كلمتي هذه بسؤال نصه (هل حدث أن كذبت عليكم؟).. *وهو سؤال دافعه شيء من تأنيب ضمير مفاجئ .. *ولمن يرون أنه لم يحدث أقول لهم خذوا إذن : *فقد كذبت عليكم - مثلاً - حين قلت أن كرامة الإنسان عندنا (مداسٌ!) عليها قياساً إلى الغرب.. *وعندما أقول عندنا - وهذا تنبيه مهم - فإنما أعني إقليمنا الجغرافي.. *فليس هنالك احترام لكرامة الإنسان (أحسن من كده!).. *والغربيون - حسداً من عند أنفسهم - يروجون لخلاف ذلك.. *يروجون لأفضلية حقوق الإنسان الغربي على إنسان منطقتنا.. *وينسون - أو يتناسون عمداً - أن بعض دول منطقتنا هذه هي دول مسلمة.. *والإسلام من تعاليمه الأساسية تعظيم قيمة ابن آدم الذي (كرمه) الله.. *ومن ثم يستغل الغربيون (الكذبة!) هذه لفرض رؤاهم السياسية علينا.. *وجزى الله علماءنا خيراً وهم يرددون قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم)؟.. *فلو كان هنالك انتهاك لحقوق الإنسان لما سكت عن ذلك علماء يخشون الله أكثر من خشيتهم (السلطان!).. *وكذبت عليكم حين قلت أن الديمقراطية الغربية هي الوسيلة الأمثل لتداول السلطة.. *فهنالك وسائل أفضل من تلك بكثير مثل التي يُوصي بها دوماً بعض علمائنا هؤلاء.. *وأنا اتحدث هنا عن الدول الإسلامية دون الأخرى.. *وهو أن يجتمع أهل (الحل والعقد!) لاختيار من يحكم.. *ولا تسلني عن كيف يُختار أهل الحل والعقد هؤلاء أنفسهم.. *فهم معروفون ب(سيماهم!!).. *وكذبت عليكم لما قلت أن السيسي - في مصر - جاءت به ثورة شعبية انحاز لها الجيش.. *فلم تكن هنالك ثورة ولا يحزنون.. *إنها خدع تصويرية اُستغلت فيها صفوف (فراخ الجمعية!).. *وكذبت عليكم حين قلت أن رئيس إيران الأسبق - محمد خاتمي - بكى بسبب الحريات الصحفية.. *أي الحريات التي ظل ينتقص منها المحافظون - أيام ولايته - بتشجيع من المرشد.. *فكل القصة أن ذرات غبار دخلت عينيه فجعلته يبدو باكياً -غصباً عنه - وهو يخطب.. *وكذبت عليكم عندما قلت أن هويتنا - التي يجب أن تميزنا كسودانيين - لا علاقة لها بالعروبة.. *فالحقيقة - التي لا مراء فيها - أننا عرب أقحاح ننتسب إلى (العباس!).. *ولا صلة لنا - نهائياً - ببعنخي ولا شبكا ولا تهارقا.. *إلا إن ثبت أنهم كانوا من هوازن أو جرم أو تميم.. *فأعتذر لكم - إذاً - بأنني كنت (كذابا).. *بل و(ستين كذاب!!).