1- انتهت فترة الانتخابات بخيرها وشرها، وماعاد احد يتذكر تفاصيلها، لقد خرجت هذه الانتخابات الهزيلة تمامآ من ذاكرة الملايين الذين احجموا عن الاشتراك فيها لانها اصلآ لم تكن انتخابات بالمعني المتعارف عليها دوليآ بعد ان خلت من ابسط القواعد الانتخابية المعروفة عالميآ من حرية الرأي والتعبير، وحرمت السلطات الامنية المواطنيين من حقهم المشروع في عقد الاجتماعات، واقامة الندوات السياسية حتي داخل دور الاحزاب، ومنعت الصحفيين والمراسلين الاجانب من حقهم في نشر المقالات الا اذا كانت تمجد البشير!! 2- ***- اسوأ شي حدث في الفترة الانتخابية الاخيرة وطغت بشكل واضح علي باقي المظاهر السلبية الاخري (التي ماعرف السودان لها مثيل)، ان المرشح الحزبي عمر البشير الذي زار خلال جولاته الانتخابية العديد من الولايات، وجاب المدن والقري البعيدة والقريبة، والتقي بجموع غفيرة في كثير من هذه المناطق، اصلآ ما تطرق ولا مرة في كل خطاباته ودعاياته الانتخابية التي القاها خلال هذه الزيارات عن نيته في محاربة الفساد!!، وما وعد الجماهير اصلآ باجتثاث الفساد من جذوره!!..ولا نطق او لمح انه يسعي في المستقبل محاسبة لصوص النظام، وجر المفسدين للمحاكم!! ***- لقد كان واضحآ للعيان، ان البشير قد ابتعد في كل خطاباته الدعائية -عن عمد- الكلام في الفساد او مساءلة المفسدين، وهذا شي ليس بالغريب صدر منه، فبعد اذاعة (البيان العسكري رقم واحد) في يوم الجمعة 30 يونيو 1989، الذي تعهد فيه الشعب بمحاربة كل انواع الفساد ، ومحاسبة كل من افسد في النظام السابق حسابآ عسيرآ..بعدها ما سمعنا باي محاكمات طالت مفسدين، لكننا سمعنا بمحاكمات مجدي محجوب، الطيار بطرس، والطالب اركانجلو، الذين تم اعدامهم بموافقة البشير!! 3- ***- انتهي ايضآ حفل (تنصيب عمر البشير رئيسآ للبلاد)!!، حفل خصصت له الدولة ميزانية كبيرة مهولة كانت تكفي لتشييد نحو 40 مدرسة، و30 شفخانة، ونحو100 مركز غسيل الكلي..وما يزيد كان يمكن اطعام وكساء نحو 40 ألف اسرة في جبال النوبة والنيل الازرق!! 4- ***- انتهي المولد بخيره وشره، الا ان الشئ الذي كان لافتآ للانظار محليآ وعالميآ، طغي بصورة كبيرة علي اي مظهر اخر من مناظر الاحتفال الفخم...بل طغي حتي علي زيارات رؤساء دول افريقية ورئيس عربي ووفود من دول الخليج.....ان عمر البشير راح في خطاب المولد يعلن عن عزمه الاكيد علي محاربة الفساد!! 5- ***- الفقرة التي جاءت في خطاب البشير عن محاربة الفساد(بوظت الحفل)!!، وكانت بمثابة الكارثة التي قلبت الحفل البهيج الي ماتم!!..كل اعضاء المؤتمر الوطني - بالطبع وبلا جدال - اصابتهم الخيبة والاحباط الشديد من كلام الرئيس، خصوصآ ان طرف السوط قد لحقهم في حضور الضيوف الكبار، ***- وثانيآ، لانهم يعرفون حق المعرفة، ان البشير لن يجرؤ علي تنفيذ ما صرح به، كل الاعضاء في الحزب الحاكم اظهروا استياءهم الشديد من كلام رئيسهم، عمتهم حالة من الغضب العارم، وكان لسان حالهم وقتها يقول: (الداعي شنو الكلام عن الفساد وانت راعيه وحاميه؟!!..كلنا في مركب واحد..تغرق المركب نغرق كلنا)!!... 6- ***- وكالات الانباء والصحف العربية -بصورة خاصة-، اصلآ ما ابدت اي نوع من الاهتمام بما حدث في حفل تنصيب البشير!!.. ***- ولا صبت اهتمامها بضيوف البشير!!.. ***- صحف كتبت نشرت مقالات عن البذخ الفاحش من اجل عدة رؤساء دول يعدون علي اصابع اليد الواحدة!! 7- ***- لكن في ظاهرة نادرة ، فان اغلب الصحف خارج السودان وجهت كل اهتمامها الي الجزء الخاص الذي جاء في خطاب البشير عن الفساد !!، هذة الفقرة طغت علي اي حدث وقع خلال الاحتفال، رغم انها ليست المرة الاولي، بل ولا حتي العاشرة التي صرح فيها البشير عن نيته محاربة الفساد، الا ان تصريحه الاخير في يوم 2 يونيو الحالي 2015 مازال محور اهتمام اعلامي بالغ لم يحظي تصريح اخر مثله من قبل!! 8- ***-هذا الاهتمام الاعلامي الذي بدر من وكالات انباء وصحف عربية يعني طرح سؤال واحد لاغير: (هل حقآ يستطيع البشير محاربة الفساد، في بلد خرب فيه الفساد كل شي، ومابقي شي فيه الا وكان فاسد؟!!)... بكري الصائغ [email protected]