بسم الله الرحمن الرحيم انشغل الناس بزيارة الرئيس البشير لجنوب أفريقيا مشاركا في قمة الإتحاد الأفريقي لدورته العادية (22) في مدينة جوهانسبيرج بعد قرار محكمة محلية بمنعه من مغادرة البلاد الا بعد فتوى المحكمة الجنائية الدولية والزام حكومة بريتوريا بذلك .وفي الأساس الأمر يتعلق بصراع سياسي داخلي في جنوب أفريقيا البلد الصاعد على سلم الديموقراطية والحريات وكأحد مراكز النفوذ في القارة السوداء* .فالمعارضة هي من حركت إجراءات البلاغ بمنع البشير من المغادرة حتى وصل المحكمة العليا .وفي هذا مكسب لها بإحراج الحكومة مع التزاماتها الدولية ووفائها لميثاق روما وبين دورها الإقليمي الرائد في* في فض النزاعات وهي أكبر شريك في عملية السلام السودانية* . وكوم ثالث قياس مدى التزامها* بنظامها الديموقراطي الذي يلزمها باحترام قرارات القضاء وانفاذها كاستحقاق لفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية . ولكن في الواقع حكومة جاكوب زوما رجحت دورها الإقليمي على التزامها الدولي .وستستكمل شوط الحراك الداخلي بجدل قانوني وسياسي مع المعارضة من أحزاب سياسية أوجماعات الضغط الحقوقية . * لندع هذا جانبا وننصرف الى تناول الأوساط السياسية السودانية المواليه والمعارضة . فالموالين لم يبن موقف واضح لامن الحزب الحاكم* ولا من أحزاب الحكومة ولا قطاعاتها المجتمعية* الا من بعض الكتابات* النشاذ والتصريحات الهلامية التي تمجد البشير في شخصه أو تهدد متوعدة إن تم القبض على البشير. لكن حزب المؤتمرالوطني لم يتخذ موقفا سياسيا خلال ال48ساعة مدة محنة البشير* ولم يعلن التعبئة العامة* ولم ينشر بيانات داعمة للبشير . أما الحكومة عبر خارجيتها اكتفت بتطمينات على صحة موقف البشير في المشاركة ولم تنشر معلومات عن حقيقة الموقف* كأنما الحكومة وحزبها الحاكم يدخران موقفا حال القبض على البشير.او ليظهر النظام تماسكا ويبدو مؤسسيا لاينهار لمجرد القبض على البشير . وقد تكون تبلورت عدة سيناريوهات* في أزهان قادته ينتظرون الوقت المناسب لطرحها للنقاش . أما المعارضة السياسية فقد بدت أكثر نضجا وتعلمت من تجربتها أن مثل هذه المنعطفات قد تكون لعبة العصا والجذرة حاضرة بين الانقاذ والمجتمع الدولي وستنقضي كسابقاتها من رحلة أديس أبابا والرياض وبكين . فلم تكلف نفسها اظهار الشماته في البشير ووفرت على نفسها جهدا في تبرير موقفها وردة فعل النظام الباطشة على قياداتها .وهي تعلم أن البشير لن يسترخص شيئا في سبيل نجاته وان كان الثلث الآخر (دارفور) بعد فصل الجنوب .ولكن أخص هنا بالإشارة حزب المؤتمر الشعبي الذي كان له قول واضح من الجنائية الدولية نصح فيه البشير بتسليم نفسه وان تم شنقه فهو شهيد يجنب البلاد ويلات الحرب والدمار حال مواجهة المجتمع الدولي . وشرعن لذلك بقوله إن أنتقصت العدالة الوطنية لاضير من الإستعانة بالعدالة الدولية وأنه لايمانع من الاستنصار بالفريب ليكف يد القريب العادي على مواطنيه العزل في دارفور . ولكن موافقة الشعبي على مبادرة الرئيس ومشاركته في الحوار الوطني ألجم لسانه ودجن موقفه فلا هو يستطيع تجديد موقفه القديم بالقبض على البشير فيرجع الى المربع الأول ولا هو يستطيع دعم البشير في محنته ليخسر كسبه النضالي إن تم القبض على البشير فكان الصمت منجاته من مزالق الكلم . عموما الأحزاب السودانية كانت أكثر نضجا ولم تحشر نفسها مع البشير في جحر الجنائية .فلم تراهن على القبض على البشير فتدلق نفسها على إجراءات مساومة سياسية هي ليس طرفا فيها . وصدت عن نفسها هجمة أعوان النظام الذين في سابقات حتى يغطون على موقفهم المتخازل يهجمون على المعارضة شتما وإعتقلا لقياداتها . فماذا يصنعون وقد بان خورهم وظهرت عوراتهم. أما المحير في الأمر موقف بعض النشطاء المعارضون وتعاطيهم مع الحدث فقد أظهروا شماتتهم في البشير وفرحوا لورطته دون أن يحركوا ساكنا أوينزلوا الشارع للضغط على جنوب أفريقيا بالقبض على البشير .وأنا هنا لا أخفي موافقتي على قبض البشير حتى نعلم ماذا يصنع النظام بدونه وأين يتجه الحوار بعده وكيف تتصرف المعارضة حينها . فالكل صنع من البشير فرعونا . سدنة النظام لايرون خيرا الا في وجوده والمحاورون لايرون ضامنا غير البشير والمعارضون لايرون خلاصا الا في اسقاطه . فالكل يصرخ البشير ..البشير .. البشير . ولكني أدهش ممن يدعون معارضة البشير ويرفضون القبض عليه بدعوى الوطنية فالوطنيه تلزمني أن أكف ظلمه وأحارب فساده إن كنت موالي للنظام . والوطنية تكلفني مدافعة نظام البشير ومواجهته ان كنت معارضا أما أن أرفض القبض على البشير وأركن الى ظلمه وأنا أعارضه فهذا موقف غريب فذهاب البشير رأس الرمح في التغيير . وإن عجزت المعارضة عن إسقاطه ربع قرن لماذا ترفض إزاحته بالمحكمة الجنائية وقبلها وافقت على تدخل القوات الدولية والإغاثة العالمية . وهل عجزنا يعني إستمرار الظلم والفساد واشاعة الحرب في أطراف البلاد .*** فالذي يعيش تحت نيران المدافع وقنابل الطائرات لايهمه كيف ذهب البشير بقدر عيشه في أمن وسلام . أما دعاوي التفريق بين الوطن والوطني في كل حادثة تنوب الإنقاذ يجب أن يلزم بها الحزب الحاكم نفسه أولا وينفصل عن الدولة والوضع الشمولي القائم لايفرز بين الحزب والدولة وبالتالي المطالبة لرفع الحس الوطني في مثل هذه المنعطفات لايجدي فالبشير لايساوي بين مواطنيه ولايحكم بالعدل حتى ينصروه في محنته .بل مبلغ حلم المهمشين الخلاص من البشير ونظامه مهما كان الثمن وبأي طريقة كانت . فطالما بقي الاستبداد لن يتم الفصل بين الوطن* والوطني وكل من يقول ذلك فهو معارض ضل الطريق للوطني. م. إسماعيل فرج الله 18يونيو 2015م [email protected]