تلقت الساحة السودانية تصريحين في الأيام الماضية، كلاهما علي طرفي نقيض، وذلك على تداعيات الثورة السودانية بدارفور التي تكبر يوما بعد الآخر ضد نظام المؤتمر الوطني.. فهناك تصريح طائفي جهوي عنصري بامتياز، وهو تصريح المكتب السياسي لحزب البعث والذى هلك فى رأينا مع هلاك صدام حسين ونظامه في العراق، والتصريح الثاني الذي يمثل وجهة نظر رجل وطن وثورة هو تصريح السيد مني اركو مناوي رئيس حركة/جيش تحرير السودان، فلمن يجب أن يستمع السودانيون؟ بالطبع فإن التصريح الذي يجب أن يحظي بالاستماع، والاهتمام، هو تصريح مناوي الذي يهدف إلي تصحيح المسار السياسي، ووضع حد لانزلاق السودان ككل إلي أتون العنصرية والجهوية، والفشل السياسي وسط صراعات عطلت كل امكانيات البلاد جملة واحدة وألحقت الأذي بجميع مكوناتها. تصريح مناوي هو تصريح من يبحث عن مخرج للأزمة، ويقدم حلولا، أما تصريح حزب البعث فهو تصريح طائفي عنصري مقيت لا يقدم إلا الدمار والتمزيق للسودان. تصريح البعث وصفة خراب، أما تصريح مناوي فهو وصفة دواء، والفارق كبير. وعليه، فإن أهل دارفور تحديدا، وعلي المستويات كافة، عليهم أن يتعلموا من أخطاء السنوات 26 الماضية بكل ما فيها، فالظلم لا يرفع بالقبلية، والطائفية، والعنف، والجهوية، ولو كان الخصم يمارس كل ذلك، ويتعنت به. صحيح أنها نصيحة قاسية، لكن لا بد أن يستمع له أهل دارفور اليوم، وخصوصا أنهم لا يقفون وحيدين أمام تصرفات الحكومة السودانية الحالية، بل إن هناك مجاميع عريضة في السودان تقف معهم، سواء من كردفان، أو النيل الأزرق، أو القوي المدنية السياسية، والتي يمثل تصريح مناوي مظلة لها، أما تصريح حزب البعث، وحديثه عن تقرير المصير لدارفور هو حل إنهزامي وزائف، فإنه سيعيد السودان كله إلي المهزلة، حيث يتحزب كل طرف لجماعته، أو طائفته، أو منطقته، وهذا خطأ قاتل. المفروض علي جميع السودانيين، وتحديدا أهل دارفور الآن، الإستجابة لكل يد ممدودة للمساعدة علي خروج السودان من مأزقه، وتفويت الفرصة علي كل أعداء السودان، سواء الطائفيون والعنصريون والقبليون مثل حزب البعث، أو حزب المؤتمر الوطني وأتباعه، وذلك من أجل تصحيح مسار العملية السياسية، وتنقيتها من الطائفية والعنصرية والجهوية المقيتة، وإفشال مشروع الديكتاتورية في السودان اليوم. فطالما أن معظم القوي السياسية، رغم كل المأخذ عليها، في موضوع التطهير العرقي في دارفور، وقفت مع الثورة السودانية بدارفور، ومد اليد لهم لإفشال مشروع العنصرية والجهوية الجديدة، فالواجب، سياسيا، هو الرد علي التحية بأفضل منها، وهذا يعني مزيد من الوعي السياسي، فالدرس الذي لم يتعلم سوداننا كله، وليس دارفور وحده, للأسف، أنه في معركة التفتيت لم ينجح أحد. فلن ينجح أهل دارفور عن الانفصال، كما لم ينجح السودان من انفصال دارفور، وإنما سينجح الجميع عندما يتم بناء السودان واحد موحد لكل السودانيين، وبعدها فإن ما لله لله وما لقيصر لقيصر، وإن أغضبت هذه العبارة الشتّيمة، بكل مستوياتهم، حيث إن الشتامين باتوا علي كل المستويات الآن في سوداننا. وأفضل وسيلة لقطع الطريق علي الشتامين، وغيرهم، هي التصرف بوعي سياسي عقلاني بعيدا عن العنصرية، والعنصريين، وبعيدا عن الجهوية، والجهويين، وبعيدا عن القبلية، والقبليين، وهذا لا يتحقق إلا إذا تذكرنا أن تصريح حزب البعث هو وصفة خراب، بينما تصريح مناوي هو وصفة دواء!! [email protected]