:: (وجًه، يوجه، توجيها)، وهذا يعني - في معاجم العرب - إدارة الشئ أو الشخص بحيث يمضي في (إتجاه معيًن)، لتحقيق (غاية معيًنة)..فالقادة على سبيل المثال، يوجهون الجنود في طابور العرض وأرض المعركة (يمين، شمال، خلف دُور)، حتى يبدو سير الجنود منظماً ومتناسقا..وقائد المركب أيضاً - بتحكمه على الدفة والشراع - يوجه المركب ويحدد مسارها..والإنسان الآلي أيضاً - بالطاقة الكهربائية ثم الريموت كنترول - لايتحرك إلا بالتوجيه..وكذلك كل دواب الأرض المسخرة لفائدة البشرية، فالبشرية لا تستفيد من خدماتها إلا بالترويض والتوجيه..!! :: وعليه، إختصاراً لما سبق، هناك نوع من البشر، حسب القانون واللائحة وطبيعة العمل، ليس لهم حق التفكير والتخطيط والتنفيذ إلا بالتوجيه، وذكرنا الجندي نموذجاً..ثم كل الجمادات، وكذلك كل دواب الأرض، لا تعمل إلا بالتوجيه الصادر من الإنسان ..أما النوع الثالث من التوجيه، وهو توجيه سوداني كامل الدسم، وهو الأغرب في تاريخ هذا المصطلح ومعاجم العرب، هو ما نقرأه يوميا في أخبار الصحف والإذاعة والتلفاز ..أي هو التوجيه الذي يُدار به الشأن العام ومصائر الناس في بلادنا..هذا التوجيه السوداني الغريب يجب أن يجد معناه في قاموس العرب، لنفهم فقط لاغير ..!! :: وعلى سبيل المثال، بصحف البارحة، حزمة توجيهات بحاجة إلى تعريف نوعها ومعناها..توجيهاً رئاسياً يوجه وزارة النقل والطرق بتوسعة وإكمال الطرق القومية..وما لم أكن مخطئاً في فهم معنى ( مؤسسية الدولة)، فأن وزارة النقل والطرق مؤسسة ذات قيادة وخبراء وعمالة وخطط وميزانية، ومن مهام هذه الوزارة في حياة الناس والبلد - حسب دستور البلد - رصف وتوسعة الطرق..نعم هي وحدة حكومية تم تشكيلها بالكادر والمال والقانون لترصف و توسع الطرق حسب خطة سنوية خاضعة للرقابة والمحاسبة من قبل الرئاسة والبرلمان.. فلماذا تنتظر توجيهاً رئاسياً لتؤدي هذا الواجب؟..وعليه يبقى السؤال المشروع، بما أنها - الوزارة - ليست من دواب الأرض أوجماداتها، فما نوع ومعنى هذا التوجيه؟..وماذا لو لم توجه الرئاسة برصف الطرق ؟، فهل وزارة النقل والطرق ( ح تقعد ساكت)..؟؟ :: ومثال آخر، لتوجيه غريب أيضاً، برلمانيا يوجه - بلسان البرلمان - الولايات والمحليات بإزالة عقبات الإستثمار..في الدنيا كلها، ما عدا السودان طبعاً، هناك شئ اسمه (النافذة الواحدة)، وهي أفضل وأحدث النُظم المتبعة (عالمياً)، والهدف منها هو إختصار الوقت والجهد وتسهيل الإجراءت لرجال المال والأعمال..وفي دول الدنيا كلها، ما عدا السودان طبعاً، شئ آخر اسمه (الخارطة الإستثمارية) ..فالوزارة المسؤولة عن الإستثمار، بالتنسيق مع الولايات والمحليات وأهلها، هي التي تعد هذه الخارطة..وبعد إجراء الدراسات على التربة وكل عوامل الطبيعة، تكون الخارطة على شاكلة : هنا يصلح الزرع وهنا تصلح الصناعة وهنا تصلح السياحة، وهكذا، بحيث تكون الأرض خالية من العقبات وجاهزة للمستثمرين..ولكن بالسودان، حيث موطن الغرائب، فالخارطة الإستثمارية والنافذة الواحدة وغيرها من معالم مؤسسية الدولة هي ( التوجيهات)..!! [email protected]