* قرار غريب، وفي توقيت أغرب أصدرته الحكومة بفك إحتكار إستيراد القمح بحجة أنه يوفر أموالا طائلة للدولة. * بحجة أن الشركات التي كانت تحتكر استيراد سلعتي القمح والدقيق تحول جزءاً من السلعتين المدعومتين لصناعات أخرى من بينها الشعيرية والمكرونة، بالإضافة إلى استفادتها من الردة بتصديرها للخارج، وهو ما أدي الي توجيه أموال متبقي الدعم إلى البرنامج الخماسي لرفع الإنتاج والإنتاجية بالقطاع الزراعي لتكون الموارد حقيقية بدلاً عن الاستدانة من النظام المصرفي الذي يتسبب في زيادة الضخم. * هذا الحديث يعني طرح هذا الأمر في عطاءات، وبالتأكيد سترسو العطاءات علي تجار المؤتمر الوطني أو شركات منسوبة لهم كما جرت العادة، وهو ما يشير لحدوث فوضي مرتقبة وإشكالات ستظهر في حينها. * وغرابة القرار في بحث الحكومة اللامتناهي عن (عدم إستقرار المواطن) وكأنما كتبت عليه (بالقلم الأخضر) أن يعيش في حالة ترقب وقلق، وسعيها الحثيث لزعزعة إستقرار المواطن المعيشي يؤكده هذا القرار المفاجئ والذي يعني ان الهدف منه (إراحة الدولة) وليس المواطن كما ذكر عضو المؤتمر الوطني ضمنا.. * ومعروف أن المواطن يمكن أن تضيق عليه الخناق في أي شئ عدا (رغيف الخبز)، وهو ما جعله يصبر علي الكثير جدا من كوارث الحكومة، وأدي لأن يكون المواطن نفسه مستقر نسبيا (ومريح الحكومة) رغم (الطنطنة) من وقت لآخر بتقليل حجم رغيف الخبز والتي تتفاوت من مخبز لآخر، وقرار مثل هذا رغم حالة الإستقرار التي يعيشها المواطن ناحية أهم سلعة حياتية سيعرض الحكومة لمواجهة مباشرة مع المواطن حال فشلت الحكومة في التحكم في زيادة سعر الدولار لاستيراد القمح والدقيق من (2.9) جنيهاً إلى (4) جنيهات، لأن الفوضي حينها ستعم وستطحن المواطن أولا وأخيرا، لأننا لم نسمع أن هناك مشكلة في وفرة رغيف الخبز ولم نري صفوفا أمام الأفران منذ سنوات، ما يعني أن المستفيد من هذا القرار هي الشركات أو التجار (الموالين)الذين ستدفع بهم الحكومة ليحلوا محل مطاحن سيقا وويتا وسين لخدمة مصالح أفراد بعينهم كما تعودت. * هذا من ناحية، ومن ناحية أخري سيفتح الباب واسعا أمام التلاعب في حجم وسعر الرغيف، والأخطر من ذلك عودة المادة المسرطنة المعروفة ببروميد البوتاسيوم والتي عالجتها المطاحن الموجودة والمحتكرة للقمح خلال فترة وجيزة بتحسينها لجودة الدقيق المستخدم. * من ناحية ثالثة وأكثر خطورة هي دخول الحكومة بهذا القرار في مواجهة صريحة مع أسامة داؤود عبداللطيف أحد أكبر أضلع الإقتصاد الوطني، وصاحب مطاحن سيقا للغلال، فقرار سحب فك الإحتكار قد لايؤثر مع مطاحن سين باعتبارها تابعة للحكومة وربما أوجدت لها الحكومة مكانا مع أهل العطاءات، بينما سيقا من المؤكد أن الأمر لديها لن ينتهي عند هذا الحد، فالهمس يدور حول إتجاه صاحبها اسامة داود لتصفية أعماله بالسودان والإتجاه ناحية القرن الأفريقي وهو ما يعني تشريد ما لايقل عن عشر آلآف أسرة من العاملين في شركاته الممتدة في جميع ولايات السودان خاصة إذا ما علمنا أن شركاته توفر حليب يومي لأاكثر من 26 الف طفل يوميا في خمس ولايات نصيب الخرطوم فقط منها 17 الف بخلاف توفير الاكشاك لذوي الاحتياجات الخاصة وهو ما لا تفعله الحكومة. * لذا فالحكومة مطالبة بتوفير التقاوي الجيدة والسماد والمياه للمشاريع في الحواشات ورفع الضرائب عن كاهل المزارع حتي تتمكن من رفع شعار (لا لإستيراد القمح، لأننا نأكل مما نزرع).!! . الجريدة [email protected]