عقب إعلان وزير المالية قراره حول فتح باب استيراد القمح والدقيق؛ اتصلت بالسيد بدر الدين محمود، وزير المالية، عبر الهاتف، وأرسلت له رسالة نصية لإجراء حوار، لكن يبدو أن مشغولياته حالت دون الاستجابة، وكذلك مع محافظ البنك المركزي عبد الرحمن حسن، وبرئيس مجموعة دال؛ أسامة داؤود الذي وافق فوراً. وعند حضوري موعد الحلقة الأولى - بحسب طلبي - وجدت معه الزملاء عثمان ميرغني ومزمل أبو القاسم. استجابة رئيس مجموعة دال؛ كانت بسبب ما اعتبره نشراً غير صحيح لمعلومات جاءت في تحقيقين منفصلين عن الدعم الحكومي وطريقة استيراد القمح والدقيق. الأول كان استباقاً لقرار الوزير؛ حيث أننا في "التغيير" كان لنا السبق الصحفي قبل 4 أيام، وأشرنا بالمينشيت للقرار المرتقب، ثم ألحقناه بتحقيق، وكان التحقيق الثاني بعد القرار، أشار الى الدعم السنوي عبر الدولار المخصص لشراء القمح، وللكميات ولطريقة الشراء من السوق العالمي، وكان لمجموعة "سيقا" ورئيسها رأي مختلف أبرزه وشرحه عبر حواره معنا المنشور في حلقتين. لكن ما بين قرار الوزير وحديث أسامة داؤود؛ واضح أنه توجد مشكلة، ويوجد تباعد مواقف ﻷنها ليست بالمشكلة العصية على الحل إذا اجتمعت كل الأطراف المعنية والمتمثلة في وزارة المالية وبنك السودان والمطاحن. يجب أولاً الاعتراف بوجود شح في العملة الحرة والاعتراف بتخوفات الحكومة من تحول أزمة القمح الى أزمة سياسية، وأظن أن مثل هذه التخوفات غير حقيقية.. ويجب الاعتراف أن طريقة فتح الاستيراد بدون ضوابط ستؤدي الى ارتفاع سعر الدولار أكثر مما هو عليه الآن. وما نعانيه حالياً من ارتفاع في الدولار سببه الأساسي الاستيراد العشوائي الذي يتم لسلعة السكر ويجب عدم تكرار المشكلة. أعتقد الحل يكمن في تحويل المبالغ التي تذهب لدعم الخبز الى دعم الزراعة، وأكاد أجزم أنه ولا شخص واحد سيخرج محتجاً يطالب بدعم الخبز أو إسقاط النظام.. ولتحرير سلعة الخبز وإبعادها من قائمة السلع السياسية، لأنه وهم ظللنا نعاني منه. من الخطأ عدم وضع اعتبار للمطاحن الموجودة التي تمثل جزءاً مهماً من تطور الصناعة الوطنية، بل إنها صمام أمان لتأمين الغذاء. لذلك فإن الأمر لا يمثل أسامة داؤود ولا حسن إبراهيم مالك، لأنهم اذا لم يجدوا الأمان لاستثماراتهم؛ فمن الممكن أن يحولونها الى أية دولة أخرى. لماذا نستورد دقيقاً ونحطّم بأيدينا المطاحن الوطنية التي تقوم بتشغيل عشرات الآلاف من الشباب والأسر، إما مباشرة أو عبر الأشغال المرتبطة بها. على قيادة الدولة التدخل لحل الأزمة بين وزارة المالية والمطاحن لمصلحة المواطن، ولا أظن أن الاتفاق مع بعض التجار والسماسرة سيكون حلاً مناسبا. التغيير