حوارات وافكار د.عبدالقادر الرفاعي حسن الطاهر زروق والايمان بضمير الشعب نهز بك النخب التي لا يهزها نوابغها حتي تزور المقابر "محمد مهدي الجواهري" الان فقط، فقد انتصر حسن الطاهر زروق، بعد نقل جثمانه من العراق الي وطنه لقضية شعبنا. انتصر علي كل اعدائنا ليس بشجاعته وحدها ولا بقوة اعصابه واحتماله ايضاً، بل بتفانيه في قضيته واستعداده للتضحية في سبيلها حتي اخر زفرة من انفساه. تركنا زروق وهو يعلم انه سيبقي حياً بينناً.. حياً في قصائد محجوب شريف وحميد، في كل الشعر المنافح الذي يتغني بالايام السعيدة القائمة. حياً في صوت عبدالخالق محجوب وقاسم امين وعبدالرحمن الوسيلة ومحمود محمد طه، في صوت محمد وردي ومحمد الامين وحسن خليفة العطبراوي.. والانبل من هذا، انه سيبقي حياً في ضحك رفاقه الظافر في مدينتي عطبرة وام درمان، بل في كل المدائن في المستقبل القريب.. الان ليس سهلاً ان يكون المرء شريفاً سوي ذلك الشرف الي تحيط به تضحيات مؤلمة وعظيمة. هكذا مضي حسن الطاهر زروق وقد كان يعلم ان الاسلوب الوحيد كي لايشيخ ويفني، هو ان يرتبط بشئ نبيل بالمعني الواسع لهذه الكلمة، حتي يقهر الشيوخوخة والمرض والموت.. لقد كان ذلك الشئ هو السر الذي جعله يحتمل الفقر والجوع والتشرد والمنفي.. ذلك الذي جعله يحتمل السجن فقاوم الا ينل السجن من معنوياته. لا نزعم انه امر عظيم ان يسجن المرء، لكننا علي قناعه بان السجون التي عانقها حسن الطاهر زروق في زمن الاستعمار وبعده اثناء الحكم الوطني، انه عرف كيف يستخلص لنفسه مزايا وسعادة من الصبر علي اقسي المصائب، دون الحنين الي الماضي او الاستسلام للاقدار. لهذا ولغيره، فان حسن الطاهر زروق بذل جهداً عظيماً لغاية اعظم: حفظ كيان الشعب واقامة العدل الذي لايفني. هكذا غادر الدنيا بدون لحاف. يقول الشاعر جيلي عبدالرحمن: بعيداً عن ثري الوطن يضج هواك في بدني واحمل قبرك المغبون في الانواء والشجن تهيل الترب للازات اذ تعطي بلا ثمن واغرق في حباب الكأس فكيف نعاك لي برق وكيف نأيت عن زمن.