ثمة أسئلة عابرة يكون وقعها صاعقة عليك .. فبرغم معرفتك للإجابة تجد نفسك مرتبكا مضطربا لا تملك ليس رغبة الإجابة بل تستنكر كنه السؤال ذاته. دخلت في دردشة جادة مع نيوزيلندية منذ فترة و أخذنا نتبادل المعلومات و سارت الأمور بسلاسة فائقة إلى أن سألتني عمن يكون رئيسنا. أجبتها عن كل ما سألت: أننا دولة افريقية و أننا غالبية مسلمة و أن النيل أكثر ما يميزنا و أن العربية هي لغتنا الأولى و الرسمية تليها الانجليزية و تحدثنا عن العادات و التقاليد و خاصة تلك المتعلقة بالمرأة و وضعها الاجتماعي لكونها متخصصة في هذا الشأن و ربما ستقوم بزيارة ميدانية بغرض إجراء بحثي. و وجدتني أنداح بالإجابات بلا تردد و لكن انعقد لساني و ارتفع الأدريلانين في جسمي لهذا السؤال بالذات. النيوزيلندية التي حملت اسم باتريشا كررت طرح السؤال و علمت من نبرة صوتها أنه سؤال لأجل السؤال مثل كافة بقية الأسئلة و لكني ما استطعت الإجابة. ضع نفسك مكاني .. حتما ستجيب عن سمرتنا و عن نشيدنا الوطني و العلم ..ستجيب عن ملابسنا عن قبائلنا و فننا و أكلاتنا الرئيسية و موسيقانا و عن طبيعتنا الجغرافية و لكن هل يكون عندك الأمر طبيعيا عندما تسأل من هو رئيسكم أو من الذي يحكمكم؟ لماذا و بدون ترتيب مسبق عجزت عن الإجابة و تجملت بعدم السماع لسوء بالنت على أن أعاود في وقت لاحق؟ السبب الجلي الواضح هو أن البشير لا يشرفنا كرئيس .. أولا جاء بانقلاب عسكري على ديمقراطية ارتضاها الشعب بأغلبية رغم علاتها .. سمعته سيئة على الصعيد الدولي و الداخلي بأنه و تحت إمرته و رئاسته و تقلده للأمور مات قُتل أضعاف الآلاف لدرجة أن طالبت بالقبض عليه المحكمة الدولية باعتباره مجرم حرب و مجرم ضد الإنسانية .. سمعته سيئة لأنه رعى الفساد و بل و سبح هو و أهله و رجال حزبه في مستنقعه .. سمعته سيئة بذيئ اللسان .. سمعته سيئة لأنه تساهل في فصل الجنوب و سكت عن حلايب و شلاتين .. باختصار البشير لا يملك صفة واحدة تجعلنا نفتخر به كرئيس. في الأحوال الطبيعية يكون الرئيس من خيار القوم علما خلقا و أدبا و مميزات قيادية ترتضيه الغالبية و يكون عادلا أمينا حكيما و في الجملة ملتزما ببنود الدستور التي أقسم على كتاب الله ألا يحيد عنها و لكني لم أجد أية من تلك الصفات تنطبق على البشير. لا أزال في حيرة من أمري إن سألتني باتريشا ثانية كيف أجيب!! و لعلي أذكركم بذلك السوداني الذي فاز بجائزة قدرها نصف مليون دولار بعدما اجتاز سؤالا كانت صيغته فيما معناه: إذا طُلب منك أن تقدم نفسك فداء للبشير فهل ستفعل؟ البرنامج يقيس درجة صدق و كذب الضيف و بعد حبس أنفاس أجاب بأن لا و ربح لأنه كان صادقا. [email protected]