وقعت مجاعة الثمانينات في بلادنا وتبعتها مجاعات طارئة لا محالة، والسودانيون آلمهم حدوث ذلك ويحزنهم اكثر الظروف اللانسانية التي اجتازها الوطن وخاصة في غربه (الحرب الاهلية).. وطننا مهدد واحزاننا عميقة. الدعوة لتحمل المسئولية ليست جديدة، فقد سمع بها الناس منذ بدأ الحرب الاهلية، وقبل حدوث المجاعات، ظل الحديث عن المسئولية التاريخية يطرق اسماع الناس قبل الاستقلال وبعده والي يومنا هذا. حين علق الراحلان عبدالكريم ميرغني وعبدالخالق محجوب علي ان القضية المركزية هي قضية التنمية، لم يعتد اي منهما الادلاء بتصريحات بهدف ان يقول شيئاً مافقط، كما لم يطالبانا بما ليس في استطاعتنا بالدعوة للتحمل المسئولية التاريخية، انما كان اس دعوتهما بان نعي حقيقة النزف المستمر في الوطن وان نعمل مخلصين علي انقاذه مما هو فيه، وعلي اطفاء النار التي تشتعل منذ الاستقلال، لا حباً بالوطن فقط، وانما حرصاً علي عدم امتداد النار الي ابعد من الحدود التي بلغتها فتتسع حدود المأساة وتفلت السيطرة عليها من كل الايدي المخلصة وتلك التي تعمل وراء ستار. نداء التصدي للمسئولية التاريخية هو نداء لانقاذ الوطن من خطر يتسع ساعة بعد ساعة، وتؤدي المواقف السلبية في مواجهته الي ما لاقبل لاحد في ظل الاوضاع القائمة علي التصدي له، المسئولية التاريخية هي العودة في نظرنا للاعتراف بالاخطاء واعلان من ارتكبها واعترافهم بذلك. بهذا تكون المسئولية هي العودة الي الضمير والتنمية هي مسئولية النظرة الايجابية السليمة التي تخرج بما تبقي من الوطن من الحلقة المفرغة التي تترك اسئلة لا اجوبة حاسمة عليها، بينما الاجابة علي السؤال الحقيقي جاهز: انه الحرية، الديمقراطية، والتنمية، تلك ثلاثة لاتحتاج لانوار كاشفة للبحث عنها. لاجدال ان السودان من البلدان الاقل نمواً والتي تتميز اقتصادياته بانخفاض ملحوظ في الدخل بالنسبة للفرد الواحد من السكان، وبسيادة الاقتصاد التقليدي خاصة في قطاع الزراعة وبضآلة القطاع الصناعي علي الاخص في الصناعات التحويلية وغير ذلك من عقابيل التخلف. المشهد القاتم ينتظر منا ان نضيف مساهمة نوعية لتغير هذا الواقع. ان ذلك ضرورة حيوية بالنسبة للمصير السوداني لان المجتمع وصل الي درجة من التدهور يستدعي فيها تطورات جذرية حتي لايزداد الركود ركوداً وتبلغ الالام والماسي منتهاها مما يعوق كل تطلع ينتهي ببلادنا الي كارثة محققة.