لا يخفى على أحد أن خلافات بيت المهدي البينية وسط بنيه قد جعلت حائطه يتأكل عرضا وطولا بالقدر الذي جعل الطائفة والحزب على غير ما كانت عليه هيبتهما المتماسكة في شكلها الخارجي وقتها والتي لم تكن تظهر ما يبطن الشقاق الخفي في عهود الأئمة الكبار السيد عبد الرحمن وخليفته السيد الصديق والد الإمام الصادق الذي كان قد سحب بساط الأمانة العامة للحزب الوليد في أربعينيات القرن الماضي من تحت أقدام السيد عبد الله الفاضل والد مبارك وهو من يقال والعهدة على الراوي أنه قد أفشل تولي الصادق لخلافة والده المسجى في القبة قبل الدفن بدعوى .. عدم بلوغ الإبن الحلم حينها وبذريعة إن السيد عبد الرحمن قد أو صى بأن تكون الخلافة من بعده لأبنائه الأشقاء أو الإخوة بدلا عن توارثها من طرف الأبناء.. وهو ما ولد الخلافات التي قسمت البيت والحزب فيما بعد ثورة أكتوبر بسنوات قليلة إلى جناح الإمام الهادي الذي استفاد من تنفيذ تلك الوصية و جناح الصادق الذي خسر المعركة وهوفي قمه طموحه السياسي والعائلي والطائفي وقد قاده لاحقاً إلى سدة الإمامة على حساب غبن عمه السيد أحمد الذي يعتبر نفسه حتى الآن الوريث الشرعي لأخيه الإمام الراحل الهادي إستنادا الى ذات الوصية ! ولان الثأرات القديمة لم تمت على ما يبدو وظلت دفينة خلف النفوس .. فإن السيد مبارك هو أول من شق الحزب في عهد الإنقاذ بعد عودته المتعجلة لدخول القصر منفردا عبر سقالة إتفاقية جيبوتي المهزوزة حيث كان واقفا لحظة ابرامها كساعد أيمن لإبن عمه الصادق في ظاهر الأمور ..ومن ثم بدأت تشظيات الحزب تترى بين مسار ونهار والزهاوي والصادق الصغير والنور جادين وتباعد المقربين التقليدين عن ظل الشجرة المتساقطة الأوراق أمثال ال مادبو وبكري عديل و ابراهيم الأمين وغياب عمر نور الدائم و عبد النبي وسارة محمود و اختراقات غواصات الحزب الحاكم لبقية فرعها الكبير الذي إكتنفه جفاف الريبة من قبل الكثيرين من خلصائه بعد دخول النجل الأكبر للإمام الى كابينة السفينة الهرمة ! الان يبدو أن حنين الإفلاس السياسي والجماهيري بدأ يعاود السيد مبارك للقفز الى حائط القصر من جديد ركوبا على مغازلة المؤتمر الوطني فوق سرج تبني خارطة الطريق المنقوصة.. نكاية في الإمام الذي تحفظ عليها.. بعد أن فشل الرجل المراوغ في الوثوب بغرض العودة الى داخل حوش الحزب .. فبات مكشوف الظهر ومضطرا الى كسب ود النظام ولو على حساب كثير من تطورات المرحلة الوطنية المفصلية الحالية التي تتطلب عزل المؤتمر الوطني بدلا عن مد طوق النجاة له! فالسيد مبارك الفاضل يناور الآن في لعبة مكشوفة بغرض دغدغة مشاعر الرئيس البشير شخصيا حيث وصفه بالتواضع والذكاء ومن ثم طرقه باب المؤتمر الوطني الذي من مصلحته إستقطاب الذين إن لم يكونوا بمقدورهم إضعاف المعارضة على زيادة عرض مرضها العضال .. فإنهم على الأقل سيُستخدمُون كمساحيق لإخفاء تجاعيد النظام التي باتت عميقة على وجهه السياسي و الإقتصادي بالقدر الذي زاد من ململة الشارع وفي طليعته فتية وفتيات الجامعات الثوار ! فنقول للسيد مبارك .. لقد جئت لحمل جنازة البحر المتفسخة في التوقيت الخطأ بعد أن عاد غريمك عوض الجاز الى القصر محمولا على أكتاف إستثمارات الصينيين .. وكنت خرجت من صالون المنصب الديكوري غاضباً في غمرة نفوذه المتمدد في ذلك الوقت ! .. كما تقول الرواية التي لم تخلو من سطور الحديث عن تبادل الصفعات بينكما والعهدة على من أشاعوها! فعلا إن من ولد وهويملؤه الشعور بأنه خلق ليكون حاكما فوق الجميع من منطلق إرث التعالي ..لا محكوما بقواعد المنطق وأصول اللعبة الوطنية الخالصة و السياسية النظيفة .. فستجده يسعى دائما لغايته بغض النظر عن ماهية الوسيلة ..و ايا كان موقعه مفسدا للديمقراطية أومتوسلا للشمولية فلن يتخلى عن حلمه المتوسد لبقايا الثارات القديمة .. فكله لايهم طالما ذلك الوهم بانه أعلى هامة من عامة الناس سيظل يتلبسه أبداً ! يا هدانا الله وهداه . [email protected]