الشخص الذي يعجز عن فعل شيئين أو القيام بعملين في نفس الوقت يصفونه في إحدى أدبيات الشارع السوداني الساخرة بأن هذا الشخص لا يستطيع أن يمشي ويمضغ (لبانة) في آن واحد .. وحتى لحظة كتابة هذا المقال لم يرصد محرك قوقل أي فعل أو إجراء قامت به الجهات الرسمية المختصة، وزارة الصحة أو وزارة التجارة أو هيئة المواصفات بالإعلان عن إجراءات محددة بخصوص الفواكه والمنتجات الغذائية المستوردة من مصر .. معظم دول العالم البعيدة والقريبة لم تتردد في اتخاذ ما يلزم من إجراءات حول الفواكه المستوردة من مصر بعد اطلاعهم على تقارير هيئة الغذاء والدواء الأميركية ومعلومات تؤكد ري الفراولة الواردة من مصر من مخلفات مياه الصرف الصحي، والذي جعل بعض الدول الكبرى توقف استيراد الفواكه وجميع المنتجات الغذائية الواردة من مصر حتى الدول العربية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع مصر لم تتردد لحظة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات وقائية للتحقق من صلاحية تلك الفواكه مع فرض رقابة على جميع المنتجات الغذائية الواردة من مصر . أين وزارة الصحة السودانية من هذه القصة أم هي مشغولة بموضوع الإسهال المائي وليس بمقدورها أن تمشي وتمضغ اللبانة في آن واحد؟ . هل ينطبق على سلطات البلاد الصحية هذا الوصف الساخر فعلاً؟ . لقد أقرت شعبة مستوردي الخضر والفاكهة في السودان قبل أيام بوجود مشكلة حددتها في فاكهة الفراولة واستثنت البرتقال والعنب وغيرهما من الفواكه المستوردة من مصر في الوقت الذي لم تقم السلطات الصحية في بقية الدول بحصر الرقابة فقط على الفراولة بل أصدرت تعميمات بخصوص الفاكهة المستوردة من مصر . فدول الخليج العربي وتحديداً مملكة البحرين والكويت وسلطنة عمان يقومون حالياً بإخضاع المنتجات الغذائية المصرية الواردة إلى بلادهم للفحص والتحليل المخبري بعد سحب عينات لأغذية مختلفة منها، من أجل الوقوف على سلامتها، والتحقق من مطابقتها للمواصفات الصحية ومقاييس الجودة المعتمدة . أما أمريكا وروسيا وبعض الدول الأوروبية فقد أوقفت استيراد الفواكه من مصر بشكل كامل ودون تردد ولسان حالهم يقول (يا روح مواطنينا ما بعدك روح) .. جمعية حماية المستهلك السودانية كعادتها أصدرت بياناً وقالت كلمتها وطالبت بإيقاف استيراد الفواكه المصرية وقدمت في بيانها معلومة مهمة وخطيرة هي أنه لا توجد أي جهة تؤكد وتفحص الفواكه المستوردة بصورة مستمرة من مصر وغيرها . ورغم كل هذه الضجة لا تزال الجهات الرسمية تتبادل النظر إلى بعضها البعض مع استحضار حالة الصمت الكامل تجاه أي حديث (يجيب) سيرة مصر . عموماً نرجو أن تبتعدوا عن تناول الفاكهة المشتبه في ريها بمياه الصرف الصحي حتى تكمل وزارة الصحة مضغ (اللبانة) التي في فمها وتتفرغ لاتخاذ خطوات وقائية لحماية المواطن المستهلك من تلك الفاكهة والمنتجات الغذائية المصرية التي يدور حولها الجدل . شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين اليوم التالي