أستميح الزميلة أو الإبنة النابهة الأستاذة هنادي صديق التي سبقتني بالمبادرة كتابةً حول موضوع ربط رسوم الصرف الصحي بفاتورة الكهرباء والمياه ..ولكن حيث أن المغص مشترك والنتيجة واحدة إما استفراغا أو إسهالا مما تفعله فينا حكومة الكيزان فليس من مانع أن نكيلهم صاعاً أوصاعين من ذكريات الزمن الذي كانت فيه عاصمتنا مضربا للمثل في النظافة والنظام وانسيابية الخدمات على أهمية واتساع ونوعية مساحتها ومحدودية مردودها المادي للدولة التي لم تكن تعبأ بذلك الأمر في حد ذاته كهدف وإنما تفرضه لترقية تلك الخدمات والحفاظ على جودتها من التدهور! بينما هذه الحكومة المقلوبة الدماغ تتحصل على رسوم النفايات لتشتتها في الشوارع قبل وصولها الى المكبات حتى غدت شوارع العاصمةالان ودون منازع هي المكب الأوفر حظا لإستقبال الأوساخ ! في النصف الثاني من الستينيات وانا دون العاشرة حضرت مع والدتي لنبارك لخالتي وزوجها الموظف الكبير بمشروع الجزيرة منزلهما الجديد الذي بنوه في أحد أحياء الخرطوم الناهضة حديثا وقتها .. وما أن جلسنا في الصالون الفاخر حتى همست في إذن أمي أنني ارغب في الذهاب الى البتاع خاصة وان رحلتنا من البلد قد استغرقت زمناً بالقطارالذي كنت أتهيب ارتياد مراحيضه المهتزة مع حركته المزعجة ! لم استوعب أن ذلك الصحن الرخامي الآنيق هومرحاض أهل المدن .. لكن والدتي أجلستي بالقوة .. ثم شدت برفق بعد أن إنتهيت من مهمتي على الحبل المتدلي من أعلى فأنهمر الماء غزيرا نظيفاً لدقيقتين متواصلتين حتى ظننت أنها عبثت بشي ما ولم أكن أعلم حينها أنها الطريقة الخاصة بالتصريف وبذلك القدر من أندفاع الماء ! الان مسئؤلي الإنقاذ يتحدثون عن الصرف الصحي و يقررون استخلاص رسوم له و الخرطوم التي يفترض أنها حاضرة البلاد قد تراجعت اطرافها الى ما دون مستوى القرى في كل ملامح تخلفها البائنة فيها الان إلا من مبانٍ كالشامات تناثرت هنا وهناك في وسطها وبعض أحياء الصفوة الحاكمة .. بل وخلال زياراتي الأخيرة للريف السوداني لاحظت أن الناس قد إتجهوا الى اتباع اسلوب السايفونات بدلا عن تلك السبة المسماة ببيوت الآدب أو الأدبخانات حسب اللغة التركية .. والتي تزايدت في الخرطوم بصورة مرعبة أصبحت قنابل مؤقوته خاصة في الخريف تهدد حياة الإنسان وتماسك البنيان ! من يسمع مصطلح رسوم خدمات الصرف الصحي يعتقد أن الخرطوم صارت في جمال ونظافة طوكيو أو دبي وهي غير التي نرى أن مجارير الصرف الصحي فيها التي كانت تقوم بمهامها في الزمان السالف خير قيام قد إتخذ منها المواطنون حفرا لردمها بمخلفات البيوت نهارا جهاراً! لذا فإنني أتقدم للسيد والي الخرطوم و أركان حربه المزنوقين ماليا .. بدلا عن فرض هذه الخدمة التي باتت من تراث الماضي في عاصمتنا أن يتحايلوا على الأمر بتوزيع ( قصريات ) على المواطنين كل على حسب حجم أسرته وذلك تجنبا لإختلاط حابل المجاري المثقوبة بنابل أنابيب المياه المضروبة ..وبذا يكون التحصيل مستحقا من منطلق تحقيق شعار وفرنا في عهد المشروع الحضار لكل مواطن قصرية ! [email protected]