يحتفل الناس هذه الايام بذكري ميلاد الرسول الاعظم والذي بميلاده عم الهدي والنور كل الانسانية ، ويحتفل الناس كذلك بعد ايام قليلات بذكري ميلاد المسيح عيسي عليه السلام رسول المحبة والتسامح ، وكلاهما غمر الارض بالنور والهدي والتسامح من بعد ظلام دامس عم الكون ، ولكن يخفي علي الناس ميلاد ثالث يستحق الاحتفال ايضاً في هذه الايام المباركات ، الميلاد الثالث هو ميلاد النور والوعي والاستنارة في بلاد السودان ، قد يخفي علي الناس ملامح وأشكال هذا الميلاد الجديد ولكنه كالهلال يظهر شيئاً فشيئاً حتى يكتمل بدراً في سماء السودان . قبل سنوات طرحت مجموعة شبابية تسمي مبادرة السائحون ، مبادرة لإطلاق سراح الاسري المحتجزين لدي الحركات المسلحة والحكومة السودانية ، وقد اثارت هذه المبادرة العقل العسكري عند القوات المسلحة السودانية هياجاً واستنكاراً ، ولا شك انها بذات القدر اثارت العقل العسكري عند الحركات المسلحة ، كيف لمجموعة مدنية لا تعرف اصول العمل العسكري وأدواته ان تطرح مبادرة هي من صميم الفعل العسكري ، لكن تداعيات المبادرة تجاوزت هذا التفكير الضيق والمحدود وأصبحت علي كل لسان سوداني ، فلا يخلو بيت سوداني من اثار الحرب اللعينة التي استمرت سنوات طويلة ، ولعل الشاهد الاعظم في هذا الحديث هو الفرحة والسعادة التي غمرت مطار الخرطوم في الايام الماضيات والعشرات من الاسري يعودون الي اهلهم وأسرهم ، ولا شك ان هذا ميلاد جديد يستحق الاحتفاء . قبل سنوات قليلة ضربت السيول والفيضانات ولايات السودان المختلفة ، وقف العقل الحكومي يتفرج علي هذه المأساة كالعادة ، ولم يتجاوز فعله زيارات خجولة لصغار موظفي الحكومة ، و بعض الادوار الخجولة لمنظمات انسانية محسوبة علي الحكومة تأخذ من الاموال والهبات اكثر مما تعطي لمن تأخذ باسمهم من الغلابة والمتضررين ، مع رتابة هذه الافعال الخجولة برزت الي السطح مبادرة شبابية تسمي نفير ، ايقظت الضمير الانساني عند الشعب السوداني الذي كاد يموت من اللا مبالاة ، ما فعلته نفير في ايام عجزت عنه الحكومة بكل وزرائها وموظفيها ومنظماتها ، اثار هذا المجهود الخرافي العقل الحكومي كيف لشباب صغار لا علاقة لهم ببرتوكولات العمل الانساني واصوله ان ينقضوا علي موروثهم القديم في العمل الانساني ، ولكن المحصلة التي لا شك فيها كانت ميلاد جديد يستحق الاحتفاء . قبل ايام ظهرت علي مواقع التواصل الاجتماعي دعوات من شباب سوداني تضمنت الدعوة الي عصيان مدني سقفه الاعلي رفض السياسات الاقتصادية التي ادت الي ارتفاع اسعار الدواء ، وجدت المبادرة تجاوباً اثار الدهشة عند الناس والحكومة ، ولكن الدهشة الاعظم كانت عند القوي السياسية المعارضة ، والتي ظلت لفترات طويلة تخطت ربع قرن من السنوات ، تدفع بالمبادرات تلو المبادرات للضغط علي الحكومة ولا تجد استجابة من الناس ، ولسان حالها اليوم يقول كيف لشباب صغار في السن لا يعرفون اصول العمل المعارض ان يفعلوا ما فعلوا ، ولكن الذي لا شك فيه ان هذا ميلاد جديد يستحق الاحتفاء . اذا سارت هذه الاشياء علي هذا المسار فلا شك ان ميلاداً جديداً سيظهر في ارض السودان ، رسوله هو شباب السودان الواعي المستنير ، وكتابه هو قيم جديدة تتشكل في ارض السودان تقوم علي الوعي والاستنارة وترفض المستحيل وتسعى الي تحقيق الحلم ، وكما يقول باولو كويلو عندما يريد الانسان شيئا بالفعل فان العالم بأسره يسعى ليسمح له تحقيق حلمه . [email protected]