(1) قبل سنوات قليلة طرحت الحكومة نفسها للشعب السوداني في انتخابات ديمقراطية شابها الكثير من الملاحظات والنقائص ولكنها علي أي حال كانت تمريناً ديمقراطياً ، استجابة الحكومة للنصائح من الحزب المعارض يومها ، تجاوزت به الفراغ الدستوري الذي كان سيحدث اذا تأخرت تلك الانتخابات عن موعدها المحدد ، وحصد حزب الحكومة غالب مقاعد البرلمان وفاز رئيس حزب الحكومة برئاسة الجمهورية . (2) قبل ايام قليلة طُرحت للشعب السوداني في مواقع التواصل الاجتماعي فكرة عصيان مدني ، لم تصدر أي جهة محايدة حتي الان نتيجة ذلك العصيان نجاحاً او سقوطاً ، لكن الذي لا شك فيه ان العصيان اثار الفزع والخوف عند حزب الحكومة من ردة فعل الشعب غير المنتمي للاحزاب السياسية او حزب الكنبة كما يحلو للبعض ، ويحسب للحكومة انها تعاملت مع العصيان الماضي بطريقة غير التي اعتادها الناس في التعامل مع مثل هذه المواقف السياسية المعارضة لسياسات الحكومة ، رغم ان البعض له تفسير مختلف وهو ان الحكومة جُردت من سلاحها المعروف باستحداث طريقة معارضة غير التي تعودت عليها ولكن بالنظر الي ما بعد العصيان وطريقة تعامل الحكومة مع تداعياته يمكن القول انها لم تخرج عن النص وكذلك فعلت في اضراب الاطباء بذات الطريقة ، وهذا يعني ان الحكومة تنحو نحو العقلانية ولو بالقليل من التصرفات . (3) التفاعل الايجابي من قبل قطاعات مقدرة من الشعب السوداني مع تجربة العصيان المدني الماضي اغرت الاحزاب السياسية المعارضة بدخول هذا السوق السياسي ، ولما لا اذا كان دعوات مجهولة المصدر وجدت تجاوباً مقدراً لما لا تجرب الاحزاب السياسية المعارضة وهي تمتلك القدرة علي التنظيم ، وعلي ذلك صدرت بيانات من غالب القوي السياسية المدنية والمسلحة تدعو فيها الشعب السوداني للعصيان المدني في الايام القادمة ، ويومها سنعقد المقارنات ما بين الدعوات العفوية وما بين الدعوات المنظمة من القوي المعارضة . (4) الحكومة وحزبها الحاكم كما يبدو من تداعيات الاحداث وردود الفعل الاولية تتعامل بروح جديدة مع العصيان المدني القادم ، اياً كان التفسير السليم لأفعال الحكومة ، انها تخلت طواعية او انها جُردت من سلاحها المعروف في مثل هذه المواقف السياسية ، فالحقيقة انها مجبرة علي دخول السوق السياسي بأدواته وليس بادواتها ، وفي مثل هذه المواقف يكون الشعب وحده هو الحكم ، بين خيار الرجاء في الحكومة او خيار الامل في المعارضة ، وكما يقول باولو كويلو عندما تنشب معركة علي السلطة فان الله يكون مع الجانبين في وقت واحد ، في هذه المرة لن يمارس احد الادعاء ان الله معه . (5) هذا المشهد السياسي بصورته الراهنة يستحق الاحترام من الكل ، الحكومة والمعارضة والشعب ، وسيزيد الاحترام و يتعملق اذا قبلت الاطراف المختلفة بنتائجه علي حسب ما تنتهي اليه ارقام البورصة السياسية ونتائج العصيان المدني القادم . (6) ليس من مناص للحكومة اذا نجح العصيان المدني بشكله الديمقراطي ان تدعو الي انتخابات مبكرة باليات وقواعد جديدة يشارك فيها الكل ، حكومة جديدة منتخبة تقود السودان الي بر الامان ، فهذا خيار الشعب ويجب احترامه ، واتمني ان يتواصل تحييد الاجهزة الامنية عن هذا الفعل الديمقراطي الرشيد ففي ذلك خير للوطن من الانحدار الي الفوضى . (7) ليس من مناص للمعارضة اذا فشل العصيان المدني ولم يتجاوب معه الشعب السوداني ، سوي الجلوس علي مقاعد المتفرجين وانتظار تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وانتخابات 2020م ، وأتمني ان لا تعود المعارضة الي الطريق القديم كما تحكي الطرفة المشهورة عن الاسد والقرد وقصة المنقة الخضراء والحمراء وطاقيتي وين . [email protected]