إن القطرة بعد القطرة فالقة الصخرة الصماء و إن السهم بعد السهم صارع الفيلة الضخام و ما الطوفان إلا قطرات تجمعت و ما النار العظيمة إلا من مستصغر الشرر و إن رياح الغضب نافخة في نار الثورة و إن وقود الاشتعال نفوس حرة تواقة للحرية تعاهدت بألا تنطفئ نار الثورة حتى النصر. أجدني مملوءة أملا و فألا بأن الصبح آت و أن الحرية و الكرامة أرفع و أنفس من أن ننالهما بغير بذل و بغير عناء و طول طرق .. لم يحدث قط منذ الاستقلال و بعد أكتوبر و ابريل أن بلغ السودانيون مرحلة من الاتحاد و الجماعية كما يحدث الآن في وجه الطغيان .. و ما تلك القوائم الطويلة لأشاوس بلادي من الكتاب .. الشعراء .. الفنانين .. المعلمين .. الأطباء .. الصحفيين .. القانونيين .. ربات البيوت و القائمة تطول ما هي إلا بداية سيل جارف هيهات تقف أمامه موانع و سدود حكومة السوء أو تصمد في طريقه تدبيرات أمنهم و عسكرهم. مرّ اعتصام الأمس و قد سدد ضربته و حقق هدفه في أن هز أركان حكومة الضلال و عصابة الاستغلال و رأيتم مدى الاستنفار الذي خصصه الكيزان على كافة الأصعدة و كيف أنهم هددوا و أرعبوا مديري المدارس و المؤسسات تارة بالفصل و أخرى بسحب الرخص إن هم استجابوا للإعتصام فاهتز البعض و ثبت الآخر و إن للحرية ثمنا غير رخيص فمن أرادها فليدفع ثمنها و لا ينتظرها أن تقدم له على طبق من ذهب و هو ممدد بخمول. جاء اعتصام الأمس يقفو الذي قبله و كلاهما هدفا إلى إزاحة الوقر من أذن النظام بغية أن يحسن السماع و يعي الدرس أن الأمر لا مزاح فيه و لا هو لعب و لهو عيال كما أسماه بعضهم و لا هو صفر كبير كما قيمه بعضهم و إنما هو بداية التيار الكاسح و لا نرى سحبه إلا هطالة وعدا بسيل جارف. إن أيما تراخ و إن أيما زعزعة تدخل النفوس و إن أيما تراجع عما بدأناه سيزيد النظام قوة في ترتيب صفوفه لممارسة ما بدأه من تدمير و فساد لذلك كونوا على العهد بمواصلة المقاومة السلمية و إرداف الاعتصامين السابقين بآخر و آخر أطول مدى و أكبر تأثيرا و من أراد عروسا فلابد من دفع المهر و لو من أنياب الذئب و مخالب الأسد. إنّا على العهد بالمقاومة و لن تفتر عزائمنا و لن تضعف نفوسنا و لن ترتاح ضمائرنا حتى نرى السودان خاليا و حرا من عصابة أحرقت كل أخضر و طرحت كل قائم و باعت رخيصا كل غال و زرعت الفتنة و سقتها حتى كان الاحتراب بين القبائل و أبناء العمومة يحصدون بعضهم بعضا. [email protected]