منتدى دافوس منظمة عالمية غير حكومية وغير ربحية.. ينعقد سنويا في مدينة دافوس السويسرية وقد تأسس المنتدى على يد خبير اقتصادي سويسري.. متخصص في إدارة الأعمال.. وجه دعوة لمديري المؤسسات الأوروبية لاجتماع غير رسمي في مدينة دافوس يناير 1971 لبحث كيفية مواجهة الشركات الأوروبية لتحديات السوق العالمية.. وأصبح المنتدى فرصة سنوية لتلاقي نحو ألف شخص من النخبة إلى جانب رؤساء الحكومات والوزراء وممثلي الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى والقادة السياسيين والاقتصاديين بهدف النقاش في المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم وكيفية إيجاد معالجات لها.. وغني عن القول إن المنتدى وبما توفرت له من إمكانات مادية وخبرات بشرية متنوعة أصبحت له اهتمامات متعددة أهمها إجراء البحوث والدراسات في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.. وأصبحت النتائج التي يعلنها مرجعا حتى للأمم المتحدة وكثير من دول العالم وهي تضع سياساتها أو تراجعها وتبحث في مكامن الخلل فيها، مما يعكس الثقة التي يتمتع بها هذا المنتدى..! حرصت على إيراد هذه المقدمة حتى لا نضيع كبير وقت في جدل فارغ حول مصداقية دافوس أو مشروعيتها.. أو في حديث مللنا سماعه من نوع أن السودان مستهدف.. وأننا نواجه مخططا إمبرياليا صليبيا شيوعيا.. إلخ.. فقد صدر تقرير مهم جدا من منتدى دافوس هذا عن مستوى التعليم في العالم.. لاشك أن الكثيرين قد اطلعوا على ذلك التقرير الذي وضع سنغافورة في المرتبة الأولى على مستوى العالم.. فيما اعتذر معدو التقرير عن ضم السودان بسبب عدم توفر أبسط معايير الجودة في التعليم.. غير أن المحزن حقا.. بل والمفزع.. أن الدول التي رافقت السودان في هذا التوصيف هي.. ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ.. وفي الواقع كل هذه الدول يصعب الآن تصنيفها في حالة الدولة بالمعنى الحرفي والاصطلاحي للكلمة.. فنجد لها العذر.. ولكن ما عذرنا نحن..؟ قبل سنوات قلت لمسؤول كبير.. لا علاقة لمخرجات ثورة التعليم العالي بسوق العمل.. ففاجأني بالإجابة التالية.. إن هدف ثورة التعليم العالي هو التعليم من أجل التعليم لا التعليم من أجل العمل.. فخذ هذا.. ثم اقرأ هذا لتعرف لماذا كنا خارج التصنيف.. فالتقرير يحدد بجلاء المعايير التالية لقياس مؤشر الأداء في جودة التعليم وهي.. "ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ، ﻭﺑﻴﺌﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ، ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻭﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ، ﻭﻛﻔﺎﺀﺓ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﺴﻠﻊ، ﻭﻛﻔﺎﺀﺓ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﺗﻄﻮﻳﺮ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺠﺎﻫﺰﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، ﻭﺣﺠﻢ ﺍﻟﺴﻮﻕ، ﻭﺗﻄﻮﺭ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎر".. وربما لن نكون في حاجة لكبير جهد للتأكد من صدقية التقرير.. غير أن يتطلع كل منا لما حوله للتأكد من حال تلك القطاعات التي أخذ منها التقرير مؤشراته..! ولكن.. لابد من الوقوف عند سؤال مهم.. علنا نأخذ العبرة: لماذا كانت سنغافورة الأولى؟.. ببساطة لأنها وضعت أربعة مبادئ.. ونفذتها.. وضع تحت (نفذتها) هذي ما شئت من الخطوط.. ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﺟﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻦ.. ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻣﺰﻳﺪﺍ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻟﻴﺔ.. ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻭﺍﺳﺘﺤﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻤﻴﺰ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻲ.. ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻳﺸﺮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻮﺟﻬﻮﻥ ﻣﺨﺘﺼﻮﻥ ﻣﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻭﺍﺳﺘﺤﺪﺍﺙ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﺟﺪﻳﺪة.. ويضيف التقرير أن سنغافورة اهتمت أيضا بعدم الحشو في المناهج.. وتقليص المنهج المدرسي لتمكين التلاميذ من تعلم فريضة التفكير.. فأين نحن من هذا..؟! من أطرف ما قرأت في إحدى مجموعات الواتساب أن أحدهم قد شكك في التقرير.. كالعادة.. مستشهدا بتدني مستويات الطلاب القادمين من قطر.. كما قال.. فرد عليه آخر.. وجامعاتنا تقبل هؤلاء الطلاب رغم تدني مستوياتهم لأنهم يدفعون وهذه هي المشكلة.. ظني أن هذا الرد قد لخص الأزمة.. فالمعيار قد أصبح المال وليس المستوى..! اليوم التالي