في الظلام وبعد صراع مرير مع مدعي الديمقراطية والمناضلين والناشطين وبعض اعضاء الحزب الشيوعي والبعث ( رغم استغرابي لتحالفهم بعد ما حدث لشيوعي العراق على أيدي رجالات البعث) اتصلت بمأمون التلب وقلت له في سذاجة من المفترض أن نكون حزب للمثقفين فلم أعد اطيق الحياة في بلاد واحدة مع هؤلاء، ببساطة ضحك وذكرني أن المثقف غير منتمي ونصحني بعدة نصائح سريعة لازلت احملها شعلة لتضئ لي هذا الظلام. ذكرني بكولن ولسون بعد ما قرأته في خضم هذه الحروب غير المنطقية.. لست اكتب رداً للدفاع عن مأمون بعد ما طالعت مقال الأخ النذير البراق، فأن كان لسليم بركات حفيد على هذه الأرض فسيكون مأمون التلب القادر باللغة القادرة على الرد افضل منى وأن كتبت ألف وألف مقال .. وإنما محاولة متواضعة جداً لقول شئ في حق هذا الرجل الذي يقطر معرفةً وعسلاً.. منذ عدة سنوات لا اذكر عددها وجدت مأمون يجلس وحيداً يقرأ رواية 1984 فسألته عنها فأخبرني إنها رواية لا تموت، كنت حينها عمياء يقال عنى واقول عن نفسي إني مدافعة عن حقوق الأنسان، دارت السنوات وصدق قول مأمون بعد تجارب كثيرة لا نريد الخوض فيها، وعندما قرأت 1984 بعد أزمنة قادتني إلى النور واشكره كثيراً على نصائح عابرة ومنفصلة تقطعها السنوات .. تحدث الأخ البراق عن قضية دائرة ساحتها وسائل التواصل الإجتماعي.. وهنا اذكر من مدة قريبة أن طرحنا كيف يتعامل كلاًمن المثقف والفاقد للثقافة مع هذه الوسائط.. فغالباً ما يتعامل الأقل ثقافة ووعياً مع هذه الوسائط وكأنها واقع ويحشد للحرب فيها ، ولأنى عرفت مأمون مثقفاً متسامياً فلا أظن انه سيرد على تساؤلاتك ..فلا تهدر وقتك بالإنتظار. أهتم لأمر ذلك الذي يرفض دائماً.. ويخالف برأيه الجميع.. ويعترض سواء تعلق الأمر بمجلة ثقافية اعترض على غلافها أو على من يدعي الشعر..وأنت يا نذير تعلم بضرورة وجود أمثال هؤلاء الرجال الرافضين للتدجين..كما قال أمل دنقل : المجد للشيطان معبود الرياح،،من قال لا في وجه من قالوا نعم، ومأمون بهذه المعارضة يشكل موقف المثقف الحقيقي الذي أما يختار المواجهه فيتهم فالفسوق والشيطنة وأما الإنسحاب، فلا توجد منطقة وسطى بين الجنة والنار إلا إذا كنت يا النذير البراق لازلت تعيش في زمن الكوميديا الإلهية.. (بالنسبة لي) كل شئ ميت في هذه البلاد، إلا حياة واحدة تشتعل وتكاد تحرق كل من يقترب منها إنها مأمون التلب كما ينبغي عليه أن يكون.. شيطان ومارد وفاسق، ولكن في زمن قادم ستتحدث الأجيال عن نبله وعظمته وهذا الشهد الذي لا ينتهي. [email protected]