شهر رمضان،شهر ألقى الله عز وجل محبته في قلوب المؤمنين جميعًا حتى الأطفال الذين لا يعرفون صيامه و قيامه، لكنا نجدهم في فرح وسرور وبهجة وهم يشاركون آبائهم التحضير لمكان الافطار منذ وقت مبكر،شهر وصفه النبي وقال فيه(قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ)،لندرك أن فرص عمل الخير ودخول الجنة والنجاة من النار والانتصار على الشياطين، فرصٌ كبيرة جدًّا في هذا الشهر الذي انزل فيه القرأن و أهدى الله الصائمين فيه هدية لا مثيل لها، ألا وهي ليلة القدر، ليلة خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها، رمضان شهرًا تُبنى فيه النفوس، وهو ركنًا من أركان الإسلام الخمسة فهو ليست مجرَّد شهر يمر على المسلمين ليسعدوا به لحظات،ويحزنوا لفراقه لحظات مثلها ثم ينتظرونه العام القادم ،فهو شهر تعهد فيه المولى عز وجل بالاجر ويكون صيام رمضان بذلك على أعلى درجات الاتقان نريد أن ندخل إلى شهر رمضان اليوم ، والى أن ينتهي نكون غد أصبحنا مؤهَّلين لحمل الرسالة العظيمة والأمانة الكبيرة مادام القضية ليست قضية صيام فقط، وإنما قضية بناء أمة وإعداد نفس تتحمل الجوع والعطش من اجل إسعاد روح تقوى على بناء الرسالة،ولا شك وان ميقات واسباب فُرضه على المسلمين هي دروس وعبر ففي شهر شعبان في العام الثاني من الهجرة كان زمانه ،وبمراجعة الأحداث التي وقعت في هذا الشهر نجد انه قد حدثت أمور كثيرة هي من أعظم الأمور التي مرت على تاريخ المسلمين أوَّلها فرض الصيام في رمضان وثانيها فرض الزكاة، وكانت مفروضة في مكة ولكن دون تحديد للنصاب والأحكام المختصة بها، فحُدِّد ذلك في شعبان وثالثها فرض القتال على المسلمين بعد أن كان مأذونًا به فقط، فقال الله عز وجل {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا} صدق الله العظيم ورابعها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في النصف من شعبان من ذات العام وكل هذه الأحداث بالغة الأهمية والتأثير في حياة الامة الاسلامية وكلها حدثت في شهر واحد لماذا؟ لأن الشهر القادم،وهو شهر رمضان والذي سيحدث فيه أمرا مُهِمٌّا جِدًّا يحتاج إلى كثير إعداد، وإلى عظيم تربية،وهو إمتحان للمسلمين تمثل في غزوة بدر الكبرى في 17 من رمضان في السنة الثانية للهجرة وتلك دروس وعبر وعظات اخرى،ففي هذا الشهر تنقية، وتميز، وتربية للمسلم من كل شائبة تصيبه وأما التميُّز فشيء عظيم أن يشعر المسلمون به، وجميل أن يشعرون بالهويَّة الإسلامية، فالمسلمون في السنة الأولى من الهجرة، وفي المدينةالمنورة كانوا يصومون يوم عاشوراء مع اليهود، وكان فرضًا عليهم كما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم النبي* فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال (مَا هَذَا?) قالوا هذا يومٌ نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى فقال رسول الله (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ) فصامه وأمر بصيامه فلما فُرض شهر رمضان قال،مَنْ شَاءَ صَامَهُ -أي يوم عاشوراء- وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ،ولكن بعد فرض صيام رمضان تميزت الأمة الإسلامية عن غيرها من الامم لأنها صامت شهرًا خاصًّا بها، فمن المؤكد أنها ستشعر بالعزة لهذا التميز عن غيرها من الامم،ومن الامور المهمة كذلك تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وهذا ايضا تميُّز جديد، قبلة واحدة لكل المسلمين، وليست لأحدٍ سوأهم، إن هذا الشعور بالتميز والهوية الإسلامية أداة حتمية من أدوات النصر والتمكين، فالأمة التي تشعر بأنها تبع لغيرها أمةٌ لا تسود ولا تقوم، وأخيرًا تأتي التربية، فالصف المسلم يحتاج لنوع خاصٍّ جدًّا من التربية، ورمضان يقوم بهذه المهمة؛ فلن يستطيع أحد أن يُجاهد أو يُضحي أو يثبت إلا إذا أخذ قسطًا من التربية الروحية،فضلا عن ذلك فإن رمضان يربي فينا سبعة أخلاق هن مكارم الروح والجسد بداية بالاستجابة الكاملة لأوامر الله عز وجل،و التحكم في الشهوات التي تصرف في مكانها الصحيح الذي أراده الله تعالى، والتحكم في الأعصاب والقدرة على كظم الغيظ كما يربينا فينا أيضًا روح الإنفاق في سبيل الله، وعلى شعور عظيم هو شعور الوحدة والأخوة والألفة بين كل المسلمين في كل بقاع الأرض، والشعور بآلام الغير ومشاكل الآخرين على نهج من لم يهمه امر المسلمين فليس منهم وأخيرًا إن رمضان يربي فينا أمرًا مهمًّا جدًّا، هذا الأمر هو لب الصيام، وهو الغاية الرئيسية منه،وهو التقوى،فأشواقنا ان نعيش ايام رمضان بهذه المعاني والقيم الاصيلة لنبي أنفسنا وأمتنا من جديد، مستفيدين من تصفيد شياطين الانس ورمض ذنوبهم وأشواكهم التي تقف حجر عثرة امام المسلمين عام كامل في طاعة الله عز وجل على اكمل وجه عدا شهر رمضان، اعاننا الله واياكم على صيامه وقيامه. الوان *