من هم أولئك الذين يدبرون أمرهم لسرقة لسان أبناء شمال السودان عبر كيان جهوي ومناطقي يضعونه على نفس قضيب الأزمة الذي وضع فيه لصوص الألسنة من قبل أهل دارفور والنيل الأزرق والشرق وقبلهم الجنوب ..؟! من هؤلاء ومن أين جاءوا وهل التفويض الانتخابي لنائب برلماني يعني تنصيب الجماهير له ليفعل بهم وبمصائرهم كل شيء أم أنه تفويض محدود المجال ومحكوم بأعراف وقوانين وإطار من الخطوط الحمراء ..؟! بقدر ما شعرنا بانزعاج ليس فقط بحكم انتمائنا لشمال السودان وشعورنا بالتعرض لتعدٍ سافر على ألسنتنا بقدر ما كنا أكثر ثقة بفشل هذا العمل المتخلف بسبب عدم وجود أي توجه حقيقي بين أبناء شمال السودان للمشاركة في جريمة تفتيت الوطن وتأزيمه قبلياً ومناطقياً . إنسان شمال السودان معافى تماماً من هذا المرض ليس بسبب أنه ظل هو المتهم التقليدي بممارسة التهميش بكونه كان الأوفر حظاً والأعلى وجوداً في خارطة المركز التقليدية القديمة في السودان.. لكن بسبب خلو جسد الشمال الثقافي والحضاري والاجتماعي من سموم التعصب والقبلية والجهوية.. لذلك اضطر من قبل المهندس الطيب مصطفى أن يستعير لمنبره المسموم عناصر أخرى من خارج مكون أبناء شمال السودان في محاولته الأولى لسرقة لسانهم وتعبئته بذلك الطرح العنصري.. لذلك كان مستغرباً أن نسمع بكيان أو تجمع لأبناء شمال السودان خارج إطار التجمعات الثقافية والفنية والمطلبية العادية المشروعة. نعم تعاني مناطق شمال السودان ويعاني إنسانها ظروفاً صعبة وضعفاً عاماً في بنية التنمية ومعاناة اقتصادية ونقص في الخدمات لكنه برغم كل ذلك غير قابل لأن يتفاعل مع مثل هذه التوجهات الجهوية والتكتلات القبلية. هذا القطار لا تتطابق مواصفاته مع قضيب الجهوية والقبلية والحرب والعنف والقتال. هذا القطار مخصص فقط لنقل مخزون ضخم من الموروثات الحضارية ومعاني التعافي والتصافي والسلام للأجيال القادمة بكل صبر وجلد. ودعواتنا ضد هذا الكيان هذه ليست دعوات مضادة لمصالح أهل الشمال أو متقاطعة معها بل هي دعوات وقائية للابتعاد عن هذه المحرقة. من يحلمون بأن يقودوا في يوم من الأيام حركة متمردة أو مسلحة من أبناء الشمال تنادي بحكم ذاتي أو محاصصة سلطة يضيعون وقتهم. سنقف ضدها ونحاربها حتى آخر نفس في حياتنا وآخر قطرة حبر في أقلامنا.. لو أراد أمثال برطم وغيره من قادة هذه الفكرة (المهببة) تقديم خدمة لأبناء شمال السودان فليلتزموا منابرهم البرلمانية ويقدموا عبرها حلولاً كاملة وشاملة لقضايا الاقتصاد والسياسة والخدمات في جميع أنحاء السودان بعيدا عن الأفكار التأزيمية المتخلفة والكيانات الجهوية والمناطقية المرفوضة. شوكة كرامة لا تتازل عن حلايب وشلاتين. اليوم التالي