بالجهة الجنوبية للسوق المركزي بالقرب من دلالة السيارات لفت نظري وجود أعداد كبيرة من التراكتورات من الموديلات القديمة، تبدو كأنّها خارج الخدمة، وبعيداً عن أماكن وجودها الطبيعي وسط المزارع والحقول. حدسي الصحفي قادني للسؤال حولها.. أحد الجلوس بالقرب من المكان دلّني على شخص آخر، والأخير بدوره حدّثني عن مكتب قال إنّ أصحابه يعملون في تجارة التراكتورات وفيه التقيت بالتاجر محمد طاهر.. سألته عن هذه الآليات وكيفيّة تعاملهم معها، فقال: "نحن بنستورد هذه التراكتورات المصنّفة من الدرجة الثانية من الصناعة الإنجليزيّة الجيّدة، وذلك لأنّ شركة جياد، تحتكر كلّ التراكتورات الجديدة، ومعلوم أنّ غالبية المزارعين بسطاء، ولا مقدرات ماليّة لهم، ويصعب عليهم عمل إجراءات حصول على مرابحات وتمويل حسابات في البنوك، وهذا ما نقوم به نحن في هذا المكتب". طاهر يضيف بقوله: "نحن نكمل الإجراءات ونستورد ما تحتاجه من إسبيرات، هي متوافرة وجيّدة جداً، ونبيعها ونقسّط للمزارع، وبدون أيّ ضمانات غير المزارع نفسه، وهذا الدور الذي نلعبه يساعد الدولة، لكنّها أصدرت قرارات أوقفت بموجبها استيراد الإسبيرات القديمة، بل إنّها قبل التوقيف كانت قد فرضت علينا (15) ألف جنيه، عبارة عن رسوم تسوية وإجراءات تخليص للتراكتور الواحد بالجمارك، وإذن سحب، وأرضيّة إذا تأخرنا، بالإضافة إلى رسوم موانئ وأرضيات وترحيل؛ إجراءات -كما يقول محدّثنا- قد تصل جملتها إلى (27) ألف جنيه، وبعد كل هذا أوقفوا كلّ الآليات المستوردة من الدرجة الثانية، وبدأ احتكار شركة جياد للجديد، وأيّ مزارع يرغب في شراء تراكتور لا بدّ له من عمل سجل تجاري، وأنا أرى أنّ المزارع إنسان بسيط، وليس مورّداً، حتى يُطالب بكل ذلك، وإنّ المزارعين أغلبهم ما عندهم ثقافة مثل هذه". وفي شرحه لطريقة عملهم يقول محمد طاهر: "نحن كنّا نقوم بتجهيز التراكتور ونعطيه للمزارع بأسعار في متناول اليدّ، وبأقساط معقولة، تراعي حالته وظروفه، مثلاً هناك تراكتور بسعر (90) ألف جنيه وهو بحالة جيدة جداً، وهناك البريطاني ب(290) ألف جنيه، ولا يحتاج صيانة لمدّة (5) سنوات، وبعض التراكتورات يصل سعرها (110) آلاف جنيه اليوم التالي