الاحتفال بيوم المراة العالمي في الثامن من مارس كل عام أصبح تقليداً شائعاً في بلدان العالم المتمدن المتحضر الذي يسوده الامن والاستقرار الهدوء وراحة البال وعدم الخوف من المستقبل المجهول المعالم ربما يعجز الانسان التحكم في مساره. لذلك أصبح الاحتفال بيوم المراة العالمي في تلك المجتمعات يكتسب طابعاً شعبياً تقدم فيه الورود والهدايا, تخرج فيه الاسر والافراد للاماكن العامة والمسارح ودور السينما ويتم خلاله تبادل الزيارات, لذلك أصبح ذلك عبارة عن مناسبة احتفاليه تكرم فيها المراة تقديراً لدورها ومكانتها في المجتمع, مما لا شك فيه ان الشعور والاحساس الذي يغمر المراة من ناحية الاحتفاء بدورها ومكانتها في المجتمع يدفعها لتقديم المزيد من العمل والعطاء والاسهام في مجالات الحياة المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والارتقاء بدورها ومسئوليتها تجاه الاسرة التي تشكل المراة فيها الحلقة التي تدور حولها بقية الساقية. اذا كان ما اوردنا ذكره يتعلق بواقع ووضع المراة في المجتمعات المتحضرة التي وفرت الاسباب والدواعي للاحتفال بيوم المراة العالمي, وكيف هو الحال بالنسبة لواقع المراة والظروف القاسية التي تعيشها في بلدان العالم الثالث خاصة في العالم العربي والاسلامي والتي بينها السودان, هل هنالك من اسباب تدعو للاهتمام بهذه المناسبة والاحتفال بها؟ واقع الحال الذي تعيشه شعوبنا يؤكد ان مجرد التفكير في اقامة احتفال بهذه المناسبة يعتبر من قبل الكثيرين نوع من المحاكاه التي لا يسندها واقع او منطق, شعوبنا اليوم تفتقد القدوة والامكانية على توفير مقومات الحياة الاساسية وفي مقدمتها لقمة العيش ناهيك عن الاستقرار. الحروب الاهلية والاقتتال بين الجماعات الاثنية والطائفية والقبلية دمرت الزرع والضرع واحدثت حالة من عدم الاستقرار اجبرت , الالاف بل الملايين من الهجرة خارج اقاليمهم وبلدانهم الصراع على السلطةوالموارد والثروات اصبح العامل المحفز والمحرك والموجة للحروب والاقتتال والتدمير, علينا ان ننظر الى ما يدور اليوم في سوريا والعراق ومالي ونيجريا والكنقو وافريقيا الوسطى ودولة جنوب السودان الوليدة والصومال. ما تجدر الاشارة اليه ان السلطات في تلك الدول هي المتسبب الاول في اشعال الحروب وتنظيمها وتولي قيادتها ويكفي ان نسوق مثال السودان الذي بلغ فيه عمر الحرب الاهلية في الجنوب اكثر من 50 عاماً. عندما نتناول الحديث عن دور ومكانة المراة في السودان مقروناً بمناسبة الاحتفال بيوم المراة العالمي لن يغيب عن بالنا ما احدثه نظام الانقاذ من اثار سلبية على دور المراة وواقعها ومكانتها في المجتمع وباختصار شديد ان نظام الانقاذ لا يرى للمراة دوراً او مكاناً في المجتماع, انطلاقا من فكره وعقيدته النظام سعى على مدى 25 عاماً من عمره لتفكيك المجتمع واعادة صياغته وفق منظوره الاسلامي التكفيري في اطار ما اطلق عليه اسم المشروع الحضاري وكانت النتيجة انقسم المجتمع الى طبقة من الاغنياء واغلبية من الفقراء من متمكنين ومهمشين الى دار سلام ودار حرب ووفق نظرية الشيخ الترابي الذي بشر بالصحوة الاسلامية فنظام الانقاذ منذ اغتصابه للسلطة ناصب المراة العداء. وسن القواننين التي ادعى انها مستنبطة من شرع الله بهدف قهرها وكسر شوكتها واسكات صوتها, كان من الطبيعي ان تتمرد وتقاوم الخطر الداهم الذي يهدد حريتها ويصادر حقوقها التي انتزعتها عبر نضال طويل وتضحيات جسام. لا يسعنا في هذا المقام الا ان نحيي ونشيد ببسالة وشجاعة الشابات الامهات اللائي لن تلن لهن قناة ولم ينحنين لسلطة الانقاذ. العداء للمراة لم يقف عند حد مصادرة الحريات وهدم القيم والتقاليد العريقة التي اتسم بها المجتمع السوداني بل تعدى ذلك الى التشريد من العمل والحرمان من العيش الكريم الامر الذي ادى الى نتائج مأساوية طالت اليوم كل نواحي حياة المجتمع السوداني والتي تنذر بحدوث كارثة يتعثر تصورها والتكهن بحجمها ومداها. لكي تكتمل الصورة الخاصة باوضاع المراة في السودان وفي ظل نظام الانقاذ لا بد من الحديث عن الواقع الذي تعيشه المراة في المناطق التي تشن فيها قوات الحكومة والمليشيات التابعة لها على اسكات الذين دمرت مساكنهم ومزارعهم و ثرواتهم الحيوانية والذين اصبحوا يعتمدون في بقائهم على قيد الحياة, في الاعتماد على ما تقدمه منظمات الاغاثة التابعة للامم المتحدة وفي ظل مراقبة اجهزة السلطات بالولايات وفقاً للاجراءات والاوامر غير مسموح بتنظيمها او تخطيها. الحكومة لا تقدم شيئاً في اطار الاغاثة وبدلاً من ان تدعم المنظمات لكنها تضع يدها على ميزانيتها على سبيل المثال منظمة رعاية الطفل التابعة للامم المتحدة تقدم 70% من ميزانية الاغاثة والحكومة لا تفي بما تبقى من الميزانية والشئ المؤسف والمحزن ان الاطفال الذين ولدوا وكبروا في المعسكرات لا يعرفون شيئاً عن محيطهم الجغرافي والبقاء على قيد الحياة بالنسبه لهم اصبح مرهوناً بوقف الحرب واحلال السلام وليس في ذلك من سبيل لتحقيقه سواء اسباب ازالة مسببات الحرب وفي طليعة ذلك اسقاط النظام الذي اعتمد الحرب كوسيلة لبقائه وبسط سيطرته. لا اعتقد ان هناك مجالاً للحديث حول اليوم العالمي للمراة في دارفور وكردفان وجنوب النيل الازرق لقد اختلطت الرؤيا المرتبطة بالايام والاسابيع والشهور والسنين كلها تأتي وتذهب وتغيير الحال اصبح من المحال طالما ان الرئيس مصر على مواصلة حرب الابادة والتطهير العرقي وطالما شبح المحكمة الدولية يطارده صباح مساء اينما حل. الوقت ازف وليس امام الرئيس سواء خيار واحد اما ان يسلم السلطة لممثلين للشعب او يسلم نفسه للمحكمة الدولية وكفى المسلمين شر القتال. في الختام أقول يحق للمراة ان تحتفل وتحتفي بيوم المراة العالمي لانها شاركت في النضال من اجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية. رائدات الحركة النسائية بصورة عامة والاتحاد النسائي بصورة خاصة وقفن جنباً الى جتب مع قادة الاحزاب والمنظمات السياسية وتصدرن معارك المطالبه بالحريات والديمقراطية والتغيير وتعزيز الاستقلال, الشعب السوداني كرم الاتحاد النسائي عندما صوت في اول انتخابات برلمانية للقائدة السيدة فاطمة أحمد ابراهيم ودفع بها الى قبة البرلمان كاول نائبة في تاريخ الحركة السياسيه السودانية والحركة النسائية العالمية ايضاً كرمت المراة السودانية المناضلة من اجل حقوق المراة والدفاع عن دورها في الحياة السياسية والاجتماعية عندما تم اختيار الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم رئيس الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي كان مقره في كوبنهاجن كماان الاممالمتحدة اعترفت بدور الاتحاد النسائي ونضاله في مجال حقوق الانسان ومنحت الجائزة للاتحاد النسائي السوداني, كل ذلك يعني ان الحركة النسائية في السودان وفي قلبها الاتحاد النسائي قدم خدمة كبيرة للمراة السودانية وحقق انجازات عظيمة تثلج الصدر يمكن ان يبنى ويعول عليها في مجال التضامن مع الحركة النسائية السودانية خاصة في الظروف العصيبة الحالية التي يمر بها الشعب السوداني. الحركة النسائية السودانية وفي قلبها الاتحاد النسائي السوداني تمتلك تاريخاً نضالياً عظيماً امتد لاكثر من ستون عاماً وان ذلك التاريخ اصبح ملكاً للشعب السوداني بما فيه من ايجابيات وسلبيات وهو تاريخ مفتوح للبحث والمناقشة والجدل والكتابة في جوانبه المختلفة ولا يغيب عن البال بان الاتحاد النسائي مستهدف من قبل التظام وسدنته واعوانه يسعون الى تدمير وتشويه سمعة قياداته وكوادره واستغلال الخلافات داخله سواء اكانت سياسية او اجتماعية او شخصية, واصبحت من الاساليب المكشوفة والمعتادة التي يلجأ اليها أعوان النظام خاصة في ظروف الازمات التي تحاصره. للاسف هناك من يوفر لهم المادة والفرص التي تسهل مهمتهم ويعينهم على مواصلة مخططاتهم القديمة والحديثة, يتم ذلك سواء كان بحسن نيه او سوئها لذلك التنبيه والحذر والحيطة عند التعامل مع الوثائق والحوارات التي لها صلة بالاتحاد ونشاط قياداته. الهجمة الشرسة الرخيصة التي يتعرض لها الاتحاد النسائي تلقي على عاتقنا مهمة التصدي وتفويت الفرصة على الذين تعودوا الاصطياد في الماء العكر. في الختام وبمناسبة يوم المراة العالمي لا يسعني الا ان اتقدم بالتحايا والتقدير العالي لكل نساء السودان ولقيادته وكوادر الاتحاد النسائي متمنياً لهن دوام الصحة والعافية والاجلال والاعزاز وقلادات الشرف والوفاء والتقدير والتبجيل والعمر المديد للاستاذة العظيمة فاطمة احمد ابراهيم محمد مراد الحاج براغ 7 مارس2014 براغ 7 مارس