تمر هذه الأيام الذكري الثانية لرحيل الأستاذ محمد إبراهيم نقد السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني والذي تحمل مسئولية قيادة الحزب بعد الردة الدموية التي أستشهد فيها كوكبة من قيادات الحزب في يوليو 1971 وعلي رأسهم الأمين العام الأستاذ عبدالخالق محجوب . تسلم الأستاذ نقد قيادة الحزب وكان علي رأس قائمة المطلوبين من قبل أجهزة أمن النميري ورغم ذلك أستطاع مع رفاقه أن يحافظ علي جسد الحزب وعضويته و يتجاوز سريعا المحنة ليضع الحزب في موقع الريادة معارضاً لنظام سلطة نميري الدموية دون أن تصل اليه أجهزة الأمن . سنوات الاختفاء جديرة بأن تجد اهتمام و فضول الصحفيين والإعلاميين وفي المرات الكثيرة التي استضيف فيها الأستاذ نقد درجت أجهزة الإعلام المختلفة توجيه السؤال الفضولي حول تجربته في الاختفاء وكان دائما ما يرد بعبارة معهودة ،بأنها تجربة تستحق بأن تتعرفوا عليها ولكني لا أستطع أن أكشف خباياها لربما نحتاج أن نعيدها مرة أخري سيما وأن الظرف السياسي في السودان متقلب والدائرة الشريرة ما تزال تحكم قبضتها . لم يك الأستاذ نقد أو مجموعة المختفين من أجل العمل الحزبي قد تم تعيينهم للقيام بهذه المهمة ولكنهم أبدوا رغبة لاختيار هذه الجبهة النضالية . بالنسبة للأستاذ نقد بمجرد إنهاء دراسته في كلية الاقتصاد بجامعة صوفيا ببلغاريا عام 1958 تقدم متطوعا للتفرغ في خدمة الحزب بكافة أجهزته المختلفة وخلال ذلك أكتسب مقدرة فائقة علي الانضباط ورفع قدراته التنظيمية والاستخدام العلمي المدروس للتحكم في الذاكرة و رفدها بالكم الهائل من المعلومات والأرقام والالتزام الصارم بالمطلوبات التأمينية وتطوير قوة الملاحظة والحذر والشك في كل شيء وهي حكمة ماركسية معروفة . التفرغ والاختفاء من المهام الحزبية التي تتطلب أفراد بمواصفات خاصة تتوفر فيهم طاقة هائلة علي للحركة وقدرة فائقة في التحمل والانضباط وصبر واسع وفوق كل ذلك أن التمتع بشخصية ود البلد لا تثير الشكوك أو الانتباه casual. يحتفظ بقاموس موسوعي للشخصية السودانية وبمكوناتها التاريخية والتعرف عن كثب علي قاموس المفردة السودانية كمكون أساسي للثقافة والإحاطة بالتاريخ و بعلم الأنساب وكل ذلك لا يتأتي إلا بالقراءة والاطلاع وهكذا كانت اهتمامات الأستاذ نقد . تجربة الأستاذ محمد إبراهيم نقد في التفرغ والاختفاء أصبحت من تراث وأدبيات الحزب الشيوعي السوداني تضاف إلي تجاربه في إثراء الثقافة السودانية التي رفدها بالعديد من الإسهامات والتجارب ، و ما أن يذكر اسم السودان إلا وذكروا ككوكبة من الأقمار الذين تخرجوا من مدرسة الحزب الشيوعي وكانوا نجوما ساطعة زينوا جيد التاريخ السوداني والحركة الوطنية بتضحياتهم ونضالاتهم و كانوا أخيارا صالحين مثلما دخلوا الحياة ،منها خرجوا نظيفين أطهارتركوا سيرة نضالية عطرة وقدوة لكل السائرين علي الدرب، ستظل سيرة الأستاذ محمد إبراهيم نقد المشرقة ملكا لكل أفراد الشعب السوداني .. له الرحمة [email protected]