تباينت ردود أفعال القوى السياسية السودانية على قرار جمهوري يهدف لتمكينها من ممارسة نشاطها السياسي دون قيد، واستخدام وسائل الإعلام المختلفة. وفي حين اعتبرت أحزاب المعارضة التي قبلت الدخول مع الحكومة في حوار غير مشروط القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، قلل تحالف قوى الإجماع الوطني من تأثيره على أوضاع الحريات في البلاد، وأكد أن جهاز الأمن لا يزال يتمتع بالسلطة المطلقة في قمع الحريات والنشاط السياسي. وأعلن رئيس حركة الإصلاح الآن المنشقة عن الحزب الحاكم غازي صلاح الدين ترحيبه الكامل بقرار الرئيس عمر البشير، لأنه يؤكد على جدية توجهه نحو الحوار الوطني، حسب تقديره. مناخ الحوار لكن صلاح الدين دعا لمزيد من الخطوات التي تعزز مناخ الحوار بين أبناء السودان. وأشار إلى أن الحقوق التي ضمنها قرار الرئيس للقوى السياسية ينص عليها الدستور وما كان ينبغي أن تصدر بقرار جمهوري حتى لا يكون من الممكن أن تنتزع بآخر. ودعا جميع القوى السياسية للتعامل بروح إيجابية مع الحوار الوطني الشامل لأنه الطريق الوحيد لحل أزمات السودان، وطالب الأجهزة الأمنية باحترام كل ما ورد في وثيقة الحقوق المضمنة في الدستور. واعتبر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر أن القرار يسهم في تهيئة أجواء الحوار، داعيا كل الجهات المعنية في الدولة إلى سرعة تنفيذه دون إبطاء. وقال للجزيرة نت إن موقف حزبه الداعم لخيار الحوار من أجل حل الأزمة السودانية راسخ ولن يتغير ما دام النظام الحاكم على قناعة به. وجدد رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي التأكيد على أهمية وإيجابية القرارات التي أصدرها البشير لتهيئة الأجواء للحوار الوطني، مؤكدا على ضرورة أن تتبع كل القرارات بخطوات ملموسة على أرض الواقع لدفع مسيرة الحوار وتأمينه، داعيا للمزيد من الانفتاح نحو الحريات الأساسية للمواطنين. من جهته، وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيب زين العابدين القرار الرئاسي الأخير بالجيد. وأشار إلى أنه جزء من عملية الحوار بين الحكومة ومعارضيها، مما يستوجب من القوى السياسية التعامل معه في هذا السياق. وعزا الفتور الذي قابلت به الأحزاب السياسية القرار إلى أن جهاز الأمن كسر قرارات الرئيس في ثلاث مناسبات خلال ساعات من خطابه الأخير. وحذر زين العابدين في حديث للجزيرة نت من خطورة تغذية أجواء عدم الثقة بين الحكومة وأحزاب المعارضة على مستقبل الحوار الوطني. واعتبر أن نجاح الحوار مرهون بإبعاد الأمن عن السياسية، واستعادة الحكومة سلطتها وممارستها لقراراتها قبل الحوار نفسه، ومحاسبة من يخرج عليها. دون تأثير لكن تحالف قوى الإجماع الوطني الرافض للحوار غير المشروط قلل من تأثير القرار الرئاسي على أوضاع الحريات في البلاد. وقال إن ممارسات جهاز الأمن بعد ساعات من قرارات الرئيس في اللقاء التشاوري تؤكد أنه ما زال يتمتع بسلطاته المطلقة فيما يتعلق بقمع الحريات وممارسة العمل السياسي. وأكد التحالف المعارض أمس، عقب اجتماع دوري لهيئته العامة على موقفه الثابت والرافض للحوار مع الحكومة إلا بعد تنفيذ اشتراطاته المعلنة كحزمة واحدة لا تتجزأ، وعلى رأسها إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات. وقال رئيس اللجنة السياسية بالتحالف محمد ضياء الدين إن على الحكومة إذا أرادت إنجاح الحوار الوطني تنفيذ مطالبهم التحالف كحزمة واحدة عبر قرارات جمهورية. وأضاف للجزيرة نت أن "الحكومة عودتنا ألا تفعل ما تقول، وبالتالي لا ضمانات من نكوصها عن تعهداتها فقد أطلقت خمسة من كوادرنا واعتقلت أربعة جددا". وحذر مراقبون من خطورة غياب عامل الثقة بين أطراف الساحة السياسية وطالبوا بالإسراع في تطبيق قرارات الرئيس عمر البشير على أرض الواقع لتعزيزها. ووفق مراقبين، يستهدف القرار الجمهوري تأكيد صدق توجه الرئيس نحو الحوار مع جميع القوى السياسية السودانية، ومخاطبة مخاوفها وشكوكها في نواياه، بعد أن اشتكت من منع وعرقلة السلطات الأمنية لأنشطتها الجماهيرية واعتقال منتسبيها، واستمرار حجب الصحف. المصدر : الجزيرة