تغلب الكثيرون على ظروف الغبار الكثيف ليلا وعلى اجهاد الحر الشديد طوال ساعات النهار ، وشكلوا حضورا مقدرا، إن لم نقل كثيفا، في ندوة القوى الاشتراكية بالبراري التي اقامها الحزب الشيوعي مساء السبت، وبرزت فيها بشكل خاص دعوات متكررة لعمل سياسي محسوس في اطار السعي لاسقاط النظام.. ودعا ابراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني الذي شكل ومحمد ضياء الدين رئيس حزب البعث حضورا مرموقا إلى أهمية تنظيم الصفوف من أجل بلوغ ذلك الهدف مشيرا إلى أن الدعوة إلى الحوار سقطت باعتقال الصادق المهدي وقال " علينا بالاصطفاف في رتل الشهداء، كما علينا اعطاء جماهيرنا نماذج في الشهادة". وسخر ابراهيم الشيخ بشكل خاص من دعوات بعض اركان النظام إلى تجاهل الوقائع المذهلة التي كشفت عن فساد مؤسسي أربك وضع النظام على الساحة.. وتساءل: مالذي يدفع مواطنا حرا إلى القول: أنا مؤتمر وطني؟ كما تساءل عن السبب الذي يجعل مواطنا يتمسك بحزب مسؤول عن تقسيم البلاد. وأضاف: وكيف يقول المواطن أنه مؤتمر وطني في ظل هذا الفساد المستشري، وفي ظل الاستعانة ب" الجنجويد الجدد"، وهل هذه الرتب العسكرية التي منحوها لهم تعطيهم صك براءة مما ارتكبوه من جرائم؟ وكان ابراهيم الشيخ يشير بذلك إلى محاولات كل من نائب الرئيس السابق على عثمان محمد طه وابراهيم غندور نائب رئيس رئيس الحزب الحاكم إلى تجاوز دائرة انباء الفساد التي تزداد اتساعا ومن ذلك دعوة عندور إلى أعضاء حزبه بأن يمشوا ورؤوسهم مرفوعة وأن لا يلقوا بالا لما اسماه ب" شائعات الفساد"، وكان ( يطمئن) برلمانية قالت أنها باتت تخجل من الانتماء إلى حزب تطارده قضايا الفساد. وعكست الندوة حيوية طاغية لأهل البراري في العمل السياسي، فقد تحدث أحد أفراد أسرة الشهيد صلاح سنهوري عن أيام العزاء التي شكلت معان سياسية نضالية وقال أنهم عاشوا أياما ملؤها الاصرار على مواصلة العمل الوطني نحو الديموقراطية، وعبر عن ذلك عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي محي الدين جلاد من خلال تحليل رفيع عن الفعل الجماهيري في مواجهة القمع الحكومي، مشيرا إلى أن استراتيجية التخويف والرعب التي يتبعها النظام لابعاد الناس عن النضال السياسي جاءت بنتائج معاكسة ، وقال إن تكتيكات التخويف بالقتل لم تفلح إلا في زيادة التفاف الجماهير حول هدف اسقاط النظام، ودلل على ذلك بواقعة استشهاد طالب جامعة الخرطوم على أبكر موسى وكيف أن أيام العزاء تحولت إلى ندوات مفتوحة لتعرية أكاذيب النظام والاصرار على تغييره والاطاحة به، وأن تكتيكات النظام انقلبت عليه وتحولت إلى انتصارات جماهيرية.. وتمثلت حيوية أهالي البراري في تكريم نفر من نساء ورجال المنطقة الذين أبلوا بلاءا حسنا في مواجهة مختلف الديكتاتوريات وفي العمل العام، خاصة وأن البراري لها سجل مشهود في العمل السياسي، وقدمت الكثيرين من الشهداء، وأن تجربتها السياسية العريقة تمثلت في جانب منها في تقديم أول برلمانية في الشرق الأوسط، وقد كان التكريم لفتة طيبة من الأهالي ورسالة لا غنى عنها في اطار السعي المستمر لمواجهة النظام وتحفيزا للشباب للمضي قدما في هذا الطريق.. ويتساءل الكثيرون عن جدوى هذه الندوات بينما يسخر أركان ومؤيدو النظام منها، لكنها تثبت يوما بعد الآخر أنها تؤسس لفعل سياسي متنام في اطار السعي لاسقاط النظام، كما أنها تتيح تبادلا للأفكار والرؤى لبلوغ ذلك الهدف، وتؤكد بهذا الحضور الجماهيري الطاغي كيف أنها تكسب يوما بعد الآخر المزيد من الأصوات إلى جانب تلك الأهداف.. وعلى كل فلم يكن بين هموم أحد الحضور في الندوة أنه سيتكبد مشاق المشوار من بري إلى الكلاكلة بعد الحادية عشرة مساءا، وفي ظل طقس متقلب، لكن حماس الرجل للفعل السياسي المشترك، والذي جسدته الندوة، هو ما أفصح عنه اكثر من مرة خلال الليلة التي استقطبت الكثيرين على الرغم من ظروف الغبار الكثيف الذي غمر العاصمة قبل بداية الندوة وانتهى مع انطلاق فعالياتها.. وهناك من نشر أكاذيب عن أن ريحا صرصر عاتية اطاحت بالندوة وشتت حضورها.. ------------------------ [email protected]