قبل أيام، أعلن البرلمان السوداني أنه احتفظ بعضوية حليف الحكومة شيخ قبيلة المحاميد موسى هلال بعد أن راسلهم الشيخ هلال باعتذار مكتوب- حسب البرلمان، وبالنسبة لي أول مرة أعلم أن شيخ المحاميد موسى هلال عضو برلماني، ذات البرلمان أسقط عضوية غازي صلاح الدين رئيس ومؤسس حركة الإصلاح الآن المنشق عن الحزب الحاكم رغم أنه انشق سلمياً ولم يخرج عن حدود العاصمة كما لم يحشد مسلحاً واحداً.. هذه الحادثة لا ينبغي أن يُنظر إليها بأية حال من الأحوال من زاوية عادية على أساس أن موسى هلال حليف أساس للحكومة وهو لا يزال في موقف لا يُمكن تسميته بال "المتمرد" كما قالت بعض الدوائر الرسمية، وأن غازي صلاح الدين تمرد بمحاولته الإصلاح، ورغم أن الشيخ هلال وبكل المعطيات الواقعية الآن هو يقف موقفاً يستحق على أقل تقدير إعلان الحرب ضده مثله ومثل الحركات المسلحة التي تقاتلها الحكومة في جبهات السودان المختلفة، هذا إن استندنا على المنطق الذي يحكم القتال بين الدولة والمتمردين عليها، هذا على أقل تقدير، هلال خرج متمرداً على الدولة وتخندق في منطقة كبكابية شمال دارفور، تحيطه الجيوش واللاندكروزرات المدججة، والأنباء ترد عن انضمام بعض الشباب إلى جانب قوات موسى هلال، ليرتفع رصيده من القوة الجاهزة في أي وقت لإعلان الحرب، فكيف إذن تُصنف الدولة المتمرد من غير المتمرد؟، ومتى يُمكن إطلاق صفة "متمرد" على الدولة ولمن يُمكن إطلاقها؟.. الحالة التي جرت وقائعها في البرلمان السوداني باحتفاظ البرلمان بعضوية هلال رغم تمرده على الدولة بالسلاح وإسقاط عضوية من انشق سلمياً، تؤكد وبكل أسف أن الصوت الأقوى هو صوت السلاح ولا شيء يعلو فوقه.. الإنقاذ تحصد زراعة سنوات من الخطاب العنيف المستفز الذي أسس لثقافة باتت مستشرية بل وتتحول الآن إلى عقيدة مجتمع، وهي أن السلاح هو القوة التي يُمكن أن تحقق ما لا يُمكن تحقيقه بالطرق السلمية، بل ومن يحمل السلاح في وجهها يأتي عزيز قوم، وأن الطريق الوحيد المعبد لتحقيق ما لا يُمكن تحقيقه هو السلاح، فحينما يصبح خطاب الدولة أن من يريد الحكم فعليه أن يأخذه بقوة السلاح، فما نحن عليه الآن هو نتيجة طبيعية لذلك، البرلمان لم يحتفظ بعضوية موسى هلال لأنه اعتذر كتابياً كما قال البرلمان، لكن البرلمان أو الحكومة التي تسيطر على البرلمان تخشى موسى هلال؛ لأنه رفع السلاح في وجهها، والآن وبعد توقيع شيخ المحاميد مذكرة مع الحركة الشعبية قطاع الشمال وهي تُصنف "متمردة" على الدولة سوف يكون الحال كما عليه، سوف لن تُسقط عضوية موسى هلال، وسوف لن يُتخذ ضده أي إجراء، فقط لأنه حمل السلاح في وجه الحكومة، ورغم ذلك الحكومة تُحذر الإعلام والسياسيين من مجرد التعاطف مع حملة السلاح، فمن يحذر الحكومة من "تدليل" حملة السلاح، وحملهم على كفوف الخيارات المريحة.. باختصار دولة الإنقاذ تحصد ما زرعته. = التيار [email protected]