أثار خبر فصل القيادات الاتحادية رودود فعل واسعة، وسط قواعد وجماهير الحزب الاتحادي- في وقت- هدد فيه مقربون من نجل الميرغني الحسن بفصل أي قيادي يتصدى لقرارات الحزب الداعية للمشاركة في الانتخابات، أو أية مجموعة تتفاوض مع الأحزاب الأخرى؛ لبناء تحالفات لا سيما الجلوس مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ونقلت مصادر موثوقة ل "التيار" أن الميرغني الابن استعصم بمنزله في أبي جلابية بحري، رافضاً دعوات عديدة قدمتها له قيادات من الحزب الحاكم، وأسرَّ- إلى مقربين منه- أنه سيلزم داره، ومن يريد التفاوض معه فليأته، ولن يذهب إلى أحد، ويبدو أن الحسن الميرغني الذي يمتاز بحدة الطبع والمزاج، قد قرر أن يقطع فجأة حبال الود الممدودة بينه وبين قيادات الحزب الحاكم، بعد أن قطع رقاب عضوية قيادات كانت نافذه في الحزب ومقربة من والده، فالقرارات الأخيرة حيرت الكثير من المراقبين، وفتحت أبواباً كثيرة للتكهنات، والتحليل، لشخصية ظهرت بشكل مغاير، وغير معهود في الحزب الاتحادي طوال مسيرته في العمل السياسي. ولعل الحسن الميرغني الذي بدأ حياته السياسية في العام 204م بعد ظهوره بصحبة والده عند الدخول للقاعة التي أقام فيها الحزب الاتحادي مؤتمر المرجعيات بالقناطر الخيرية، كان يفكر جدياً في خلافة والده في رئاسة الحزب الذي كان مكان للتندر والسخرية من جانبه فتارة يصفه بحزب الرجل الواحد وتارة يصفه بالحزب الذي يفتقد إلى المؤسسات، لعله وقع هو الآخر في فخ عدم المؤسسية حسبما يرى مراقبون بإصدار قرارات فوقية واستيلائه على دفة القيادة في الحزب بلا سند شرعي يؤهله لذلك، وفي ذلك يقول مقرر لجنة المؤتمر العام للحزب محمد فائق في حديث ل (التيار) أن نجل الميرغني نصب- نفسه- عنوة نائباً لرئيس الحزب، ويعمل بصلاحيات رئيس، وفقاً لتفويض صادر من زعيم الاتحاديين، مستبعداً أن يكون الابن قد تحصل من والده على التفويض المدعى؛ لأن والده رفض في أكثر من مناسبة حزبية تنصيب- نفسه- رئيساً لقطاع التنظيم، بل كل الأب ينسب المنصب لنفسه، واتهم فائق المجموعة التي تعمل مع الحسن بأنها تطلق عليه مثل تلك الأوصاف والمناصب، وتقدمها له قرباناً لكسب وده، وتحدى الحسن أن يبرز أي تفويض صادر من رئيس الحزب يدل على تنصيبه رئيساً لقطاع التنظيم، أو نائباً للرئيس، بيد أن رئيس لجنة التعبئة للانتخابات كمال ناصر دافع عن موقف الحسن الميرغني، وقطع بشرعية قرارات الفصل التي صدرت في حق القيادات التأريخية في الحزب، وقال في حديثه ل (التيار): إن الحسن يحمل تفويضاً رسمياً من والده- رئيسَ حزب مفوض، ورئيساً لقطاع التنظيم، وهدد ناصر بفصل كل من لا يلتزم بقرارات الحزب الداعية للمشاركة في الانتخابات، أو أي مجموعة تجلس منفردة من وراء ظهر الحزب، ودون علم قياداته مع المؤتمر الوطني أو مفاوضته. ووصف عضو هيئة القيادة في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، والمشرف السياسي لولاية البحر الأحمر، تاج السر الميرغني، القرارات الأخيرة الصادرة في حق قيادات حزبه بالانتهاك الداعشي المهين للحزب، والتصرفات الصبيانية عديمة القيمة والأثر، وقال- في بيان صادر عنه من مقر إقامته في ألمانيا تحصلت (التيار) على نسخة منه: إن القرارات تأتي استجابة إلى رغبة نفعيين وانتهازيين استباحوا الحزب لأجل خدمة مصالحهم الضيقة، مضيفاً أن المفصولين لن يتقفوا في هذه المحطة، وسيواصلون العمل والنضال؛ من أجل بناء قاعدي حزبي بمؤسسات لا تخضع للأهواء، مؤكداً أن الحزب باقٍ، والجميع إلى زوال، وأبدى الميرغني أسفه على القرارات، وقال: إنها صدرت في حق عظماء بلا ذنب غير أنهم تصدوا من أجل الذود عن مبادئ الحزب السامية، التي ترفض مشاركة الأنظمة الشمولية. وفي ذات المنحى ذهب القيادي الشاب بالحزب محمد الفكي سليمان، الذي وصف القرار بالكارثة، وأنه صادر من مجموعة تفتقد للخبرة والممارسة السياسية، وقال ل (التيار): إن ميزة هذا القرار أنه أبعد الحسن عن مشروع توريث كبير، ومخيف، كان يعمل من أجله باستماته، وأضاف أن نجل الميرغني استعدى الاتحاديين، الذين كان- على الأقل- يتعامل معهم والده بحنكة وحذر، ولفت إلى أن هناك مجموعة شبابية صلبة تقود عملية التغيير الحقيقي داخل الحزب، ومن شأنها أن تقطع الطريق أمام نجل الميرغني الساعي- بكل قوة- لوراثة الحزب. من جهته جدد نائب رئيس الحزب علي محمود حسنين تمسكه بفصل كل الذين شاركوا النظام، مؤكداً- في بيان صادر عنه، تحصلت (التيار) على نسخه منه- عدم شرعية القرارات الأخيرة؛ لأنها صادرة من عدم، وعدّها في حكم العدم وكأنها لم تصدر، ونصح حسنين قطاعات الحزب المختلفة بعدم الالتفافات والانشغال بمثل هذه القرارات، والسعي إلى بناء حزب مؤسسات، والعمل الجاد لإسقاط النظام. التيار