ربما تكون المعارضة السودانية قد حققت نجاحات في دعوتها لمقاطعة الانتخابات المقبلة دون جهود كبيرة، حيث يرى البعض أن الحكومة ساهمت في ذلك بالنظر إلى غياب طرح الحزب الحاكم أي برامج حقوقية، فضلا عن كون النتائج تبدو محسومة سلفا. متعلقات عماد عبد الهادي-الخرطوم يرى متابعون أن حملة المعارضة السودانية الداعية لمقاطعة الانتخابات المزمع إجراؤها بداية أبريل/نيسان المقبل نجحت في تحقيق كثير من أهدافها دون آليات أو حركة حقيقية على أرض الواقع. وعلى الرغم من توقف المعارضة عند محطة إطلاق الدعوة والإعلان عن مشروعيتها فقد قالت "إنها كافية لإفشال أهداف الحكومة"، إلا أن الحكومة هي من حملت الدعوة إلى أرجاء البلاد كافة، مساهمة بذلك في الترويج لها بشكل غير مباشر. وتحقق دعوة المقاطعة تقدما تدريجيا "وفق مراقبين" مع ضعف تعاطي الشارع مع العملية الانتخابية برمتها كونها معلومة النتائج من جهة، وعدم طرح حزب المؤتمر الوطني الحاكم أي برامج حقيقية من جهة أخرى. نقد واتهامات ويبرهن المحللون على اعتقادهم بمساهمة الحكومة في إنجاح حملة المعارضة بعدم خلو أي خطاب لرئيس المؤتمر الوطني عمر البشير أو أعضاء حزبه كافة وكذلك الحكومة من الرد على أو مخاطبة دعاة الحملة باستفاضة كاملة. ولم تخلُ خطابات رئيس الحكومة ورئيس المؤتمر الوطني أو مسؤولي حزبه في ولايات السودان من توجيه النقد والاتهامات بل والتعريف بحملة "ارحل" التي تطلقها المعارضة لمقاطعة الانتخابات. ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النيلين حسن الساعوري أن الحملة التي أطلقتها المعارضة لا تزال صامتة لافتقادها الكثير من آليات العمل المعروفة، لافتا إلى عدم تماسك من أطلقوا الدعوة. عمل المؤتمر ويشير في تعليق للجزيرة نت إلى أن المؤتمر الوطني ظل يعمل كثيرا "لدرجة توزيع كوادره على الدوائر الجغرافية كافة، وفرض على كل منهم الحصول على عشرة من أصوات الناخبين". ويقول الساعوري إن المعارضة لم تتحرك لدفع المواطنين لتبني مبدأ المقاطعة "لكن إحساس الشارع بأحادية العملية الانتخابية يجبر المتحمسين للمؤتمر الوطني على عدم المشاركة فيها، مما يعني نجاح الحملة بطريقة غير مباشرة". ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي خالد التجاني إنجاح قادة المؤتمر الوطني لحملة المقاطعة ودعوة "ارحل" التي تتبناها المعارضة، مشيرا إلى عدم خلو أي خطاب للمسؤولين الحكوميين بمن فيهم رئيس البلاد (مرشح المؤتمر الوطني) من رد على الحملة أو الحديث عنها. النجاح السلبي ويرى التجاني أن الحكومة "نابت عن المعارضة في التعريف بمشروع المقاطعة، ويعرف ذلك بنظرية النجاح السلبي"، لافتا إلى أن ما وجدته دعوة المقاطعة من رواج عند المؤتمر الوطني والحكومة لم تجده عند المعارضة حتى الآن. ويعتقد أن التأثير على الانتخابات لن يكون بسبب دعوة المعارضة لمقاطعتها، "وإنما بسبب إحساس الشعب بأنها لعبة الرجل الواحد أو ما هي إلا تحصيل حاصل". وأشار إلى أن المؤتمر الوطني منشغل بتوفير غطاء شعبي عبر الانتخابات، الأمر الذي يؤدي إلى التشكيك في شرعية استمرار الحكومة. وفق المخطط ويتابع قائلا للجزيرة نت "من الواضح أن الخطاب السياسي أصبح تكرارا لشعارات عامة رغم تجربة النظام الحاكم الكبيرة في حكم البلاد، منبها إلى بعد خطابه عن القضايا الحقيقية "وهو ما يشوه نتيجة الانتخابات المقبلة". ويرى عضو المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ربيع عبد العاطي أن الدعوة للمقاطعة ما هي "كحال شاعر يلقي قصيدة لا يعرف معناها"، مشيرا إلى أن ما تطرحه المعارضة ما هو إلا "نحت بالكلمات فقط". ويستبعد أن تشكل دعوة المقاطعة أي تأثير على الانتخابات التي ستُجرى وفق ما خطط لها، معتبرا دعوة المقاطعة "أضغاث أحلام".