رجَّح العديد من المراقبين السياسيين أن يقدم الحزب الحاكم تنازلات لإنجاح عملية الحوار، إلا أنها استبعدت تماماً أن تُطال الإنتخابات الرئاسية وأنها ربما تشمل البرلمان فقط. كذلك ذكرت مصادر في الإتحاد الأفريقي أن الوسيط تابو أمبيكي أقترح على الأطراف السودانية إرجاء الإنتخابات على مستوى البرلمان.(راجع صحيفة الجريدة) عدد 11 مارس 2015م). جاء في البيان الختامي لمؤتمر برلين الذي أصبح يشار إليه ب(إعلان برلين) سبعةُ إشتراطات أساسية الأول منها نص على (وقف إجراءات الإنتخابات الجارية الآن) (إنَّ قوى نداء السودان باستعدادها للمشاركة في الإجتماع التحضيري تأخذ في الإعتبار قرار قوى الإجماع الوطني الرافض للجلوس مع نظام المؤتمر الوطني في أي حوار إلا بعد تنفيذ استحقاقات ومطلوبات الحوار المذكورة أعلاه وعلى رأسها وقف الإنتخابات.) (راجع البيان الختامي-برلين 27 فبراير 2015م). إجراء الإنتخابات الرئاسية المعلومة نتيجتها سلفاً، يعني بقاء حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السلطة إلى موعدٍ في رحم الغيب يحدده شعب السودان عندما يستعد ذاتياً للإطاحة بنظام الرأسمالية الطفيلية وهو سائر على هذا الطريق. يؤكد ما ذهبنا إليه التعديلات الكثيفة والعميقة المقاصد التي أجريت على الدستور وتجعل رئاسة الجمهورية قابضةً على مفاصل السلطة والثروة ولا يُضيرها في شئٍ عدم وجود برلمان. فالرئيس هو الذي يعين كل المناصب العليا في البلاد وتدين له كل الأجهزة الأمنية بالطاعةً طالما قنن الدستور مسؤوليته عنها. وهو الذي يعين ولاة الولايات جميعها. وهو بنص الدستور يشرف على الأراضي الصالحة للاستثمار في البلاد ويتصرف في عائد إستثماراتها. وهو في كل ذلك غير خاضعٍ للمساءلة أو الطعن أو تقديم الشكوى للمحاكم. لهذا فإن الموافقة على إجراء الإنتخابات حتى ولو كانت قاصرة على رئاسة الجمهورية يعتبر جريمةً في حق الشعب والوطن. وأن المساهمة فيها يعني استمرار سلطة الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة وهذه المرة دون حسيب أو رقيب طالما تحولت السلطة ليد الفرد الواحد. نكرر مرةً أخرى، أن هذا لا يُخرج البلاد من أزماتها الشاملة بل يعيد إنتاجها بأبشع مما هي عليه الآن. الخيار هو: قبول (إعلان برلين) كاملاً وتنفيذ شروطه قبل الحوار أو إسقاط النظام.