كانت أمسية مذهلة حين حالفني الحظ وجلست مع الشاب الصغير (فتحي) عضو مؤتمر الطلاب المستقلين ودار الحديث بيننا عن الحركة الطلابية والمجموعات الشبابية في السودان،الجدير بالذكر أن فتحي كتب رسالة البكالريوس في حركة قرفنا الشبابية وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها شاب في رسالة جامعية عن حركة شبابية، ليأتي بعد ذلك السؤال الأهم ما المستقبل الذي ينتظر حركات التغيير؟.. في هذا الأطار يتحدث المقال التالي.. في العام 1968م قامت ثورة عنيفة في فرنسا كان وقودها الطلاب وأنضم إليهم لاحقاً المثقفين أمثال جان بول سارتر، اطاحت هذه الثورة العظيمة بالرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول، ولاحقاً أدت هذه الثورة الى تغيير انماط التفكير والتعاطي مع القضايا المجتمعية بشكل مختلف..ثم انتقلت آثار هذه الإحتجاجات إلى امريكا الاتينية ومنها إلى دول المعسكر الأشتراكي الشيوعي لتسقط هذه الأخيرة وتقوم الأنظمة الرأسمالية الحديثة.. فيما يتعلق بالعرب كانت بداية ظهور الحركات الشبابية حديثة نسبياً ، في مصر كانت البداية مع حركة 6 ابريل لتنتقل بعدها موضة هذه الحركات إلى جميع أنحاء الوطن العربي، ولكن من الملاحظ أن الأدوار التى كانت تؤديها هذه الحركات قد قلت بعد ثورة 25 يناير لعدة أسباب لن نذكرها في هذا المقال المتواضع الآن.. الملاحظ أن جميع الحركات الشبابية في السودان تتمتع بوجود قوي على مستوى الشبكة العنكبوتية (الأنترنت) وكذلك كثير من المجموعات المناهضة للنظام مثل المجموعات التي نشأت مؤخراً وأصبحت تدعو لقيام العصيان المدني، لكن المفارقة تأتي حين نقارن هذا الوجود الكبير الأفتراضي بالوجود الآخر في الحياة اليومية، وفي الواقع الحقيقي ينتفي وجود هذه الحركات .. منذ العام 2013م والمذبحة الشهيرة التي شهدت عليها شوارع الخرطوم ونشاط الحركات الثورية في تراجع مستمر.. الأكيد أن السبب في ذلك يعود إلى تضييق الحريات والمناخ السياسي المتردي.. إضافة إلى عيوب جوهرية تعاني منها بعض هذه الحركات.. ففي الحديث مع (فتحي) لاحظنا أن احدى هذه الحركات تكونت من فئة محددة وهي جيل التسعينيات في الجامعات السودانية ولم تفتح هذه الحركة الباب أمام اجيال اخرى للمشاركة الفعلية، كما تعاني هذه المجموعات من غياب الأرشفة وتوثيق الأحداث، في المقابل نهضت على الساحة حركات ومجموعات اصبحت اكثر قوة ونفوذاً وأقل ثورية بعد أن اصبح المستقبل الذي ينتظر المجموعات الشبابية الثورية هو التلاشي، وهي الحقيقة القاسية التي يتنبأ الحاضر بها.. الحركات القوية والأقل ثورية المستمرة في النهوض كما تقول حيثيات دراسة الفتي الصغير ستكون من نصيب الجماعات الفاعلة في العمل الخيري والطوعي .. لكن وإلى 5 أعوام ماذا ستفعل الجماعات الثورية لتمنع ذاتها من التلاشي وهل من المحتمل أن تبحث عن خيارات اخرى ليظل لها وجود على الأرض بدلاً من الواقع الأفتراضي...هو شأن وسؤال نتركه لهم لنرى ماذا سيحدث في مستقبل الأيام. مروة التجاني [email protected]