في السياسة السودانية يوجد سياسيون يتمتعون بمهارات فوق التوقعات يفعلون كل الممكن وبعض المستحيل وبلا شك ان الدكتور الترابي عنوان لهذه المدرسة في السياسة السودانية ، علي ذات السياق يوجد سياسيون أقل درجة يفعلون ما يستعصي علي العقول الصغيرة وما أكثر العقول الصغيرة في السياسة السودانية ، اذا اردت ان تضع الدكتور علي الحاج في هذه التصنيفات ليس سهلاً ان تضعه مع المدرسة الاولي تنقصه الكثير من المميزات والملكات ، ومن الصعوبة ايضاً ان تضعه مع المدرسة الثانية لانه يفوقها بكثير من المميزات والمقدرات ، لكن علي أي حال افضل الأشياء ان تقول ان مواصفات الدكتور علي الحاج تضعه فوق التوقعات وتحت التوقعات . قطعاً لا تستطيع ان تحكم علي سياسي بقامة الدكتور علي الحاج من خلال برنامج تلفزيوني قصير ولكن لا يمكن إغفال الاشارات والإجابات والطريقة والمنهج التي يتحدث به ، وكما تقول المقولة ان الانسان مخبوء تحت لسانه ، ولسان علي الحاج في قناة أمدرمان قدم افادات فوق التوقعات وتحت التوقعات . بداية الحلقة حملت اتهاماً خفياً للدكتور علي الحاج بأنه بعيد من قضايا الفكر والثقافة ولم يتهرب من الاجابة كان صريحاً جداً ولكنه قدم تعليلاً معطوباً انه شغلته الهموم اليومية عن الكتابة وذات الحجة تقابلها ان ذات الاشخاص الذين كتبوا عن حياة الافكار في التيارات السياسية السودانية كانت الهموم اليومية حاضرة في حياتهم ، هل كان الدكتور الترابي بعيد من هموم الحياة اليومية ، هل كان الاستاذ عبد الخالق محجوب بعيد من هموم الحياة اليومية ، هل السيد الصادق المهدي بعيد من هموم الحياة اليومية ، اعتقد ان الاجابة التي قدمها علي الحاج ليست كاملة او انه يمكن تأويلها الي ان هؤلاء القادة من امثال الدكتور علي الحاج كانت لهم ادوار عظيمة في تياراتهم منعتهم من الالتفات الي قضايا الفكر والثقافة وليس علي الحاج وحده الذي مضي في هذا الاتجاه اذا تصفحت القائمة ستجد الاستاذ علي عثمان كأبرز القادة الذين ينتمون للتيار الاسلامي علي ذات الوصف واذا قفزت الي خارج حدود الاسلاميين ستجد القيادي بحزب الامة عمر نور الدائم وستجد القيادي الشيوعي الأستاذ سليمان حامد . من الإجابات الصريحة التي قدمها دكتور علي الحاج في لقاء قناة أمدرمان أنه نزع ثوب القداسة عن الدكتور الترابي بطريقة ذكية ولماحة وهذا ما عجزت عنه كثير من قيادات الاسلاميين الذين يظنون ان أفكار وتصورات الشيخ الترابي فوق النقد ، ولك ان تقارن بين دفوعات الشيخ ابراهيم السنوسي عن التعديلات الدستورية التي كتبها الشيخ الترابي وبين دفوعات علي الحاج عن ذات التعديلات الدستورية . الإشارات الذكية التي قدمها دكتور علي الحاج عن الحوار الوطني وعن المشاركة تبين ان عقل سياسي جديد سيحكم علاقة الشعبي بالحوار الوطني قطعاً هو اكثر ذكاء وأكثر صبر وأكثر قدرة علي المناورة . من القراءات الجدلية التي قدمها دكتور علي الحاج هو موقع السودان في الاجندة الغربية عموماً ، ظلت الحركة الاسلامية تتحدث عن استهداف كبير تتعرض له بحكم انتمائها الاسلامي ولكن علي الحاج قال ان موقع السودان في اجندة الادارة الامريكية لا يذكر حتي وانه في ادني الاهتمامات وان المانيا التي يردح الناس عن دعمها لحركات التمرد لا يعدو ان يكون محض اوهام وهواجس . قدم دكتور علي الحاج إجابات غلبت عليها العاطفة عندما تحدث عن دارفور وهذه طبيعية بحكم الانتماء الاقليمي ، الافتخار بتاريخ دارفور القديم وممالكها التي ظلت عصية علي الاستعمار لم يخرج من السياق الطبيعي وان حمل بعض النبرات الغارقة في العاطفية ، مستقبلاً يجب علي الدكتور علي الحاج ان يكون أكثر حزماً في هذه القضية رغم ان المناخ العام لا يساعد في ترك الرجل علي حاله ، لا اعتقد ان الاعلام السوداني اذا استضاف الاستاذ علي عثمان محمد طه سيجبره علي الحديث عن امجاد ممالك الشايقية . عموماً اذا كان هناك ما يمكن ان نختزل به لقاء الدكتور علي الحاج في قناة أمدرمان هو ان الحركة الاسلامية السودانية إنتقلت من مرحلة العقل المفكر الاستراتيجي الي العقل السياسي الواقعي وهذا ما تحتاجه الحركة الاسلامية في هذه المرحلة التاريخية من مراحل كسبها وتطورها . [email protected]