وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    مشار وكباشي يبحثان قضايا الاستقرار والسلام    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    راصد الزلازل الهولندي يحذر مجدداً: زلزال قوي بين 8 و10 مايو    (تاركو) تعلن استعدادها لخدمات المناولة الأرضية بمطار دنقلا والمشاركة في برنامج الإغاثة الإنسانية للبلاد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    "الآلاف يفرون من السودان يومياً".. الأمم المتحدة تؤكد    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الفاتح عز الدين حول ملفات إستراتيجية ودولية
نشر في الراكوبة يوم 10 - 06 - 2017

تترقب الأوساط السياسية والرسمية في السودان دخول مرحلة مفصلية وتاريخية جديدة ومهمة على مستوى محيطها العربي والدولي في وقت يتداعى فيه الملف الأمريكي السوداني، ويتفاعل فيما بينه لإقرار رؤية وفجر جديد في علاقة الخرطوم بواشنطن، وفي المقابل تحاول الحكومة السودانية كسر حواجز النفس وتجاوز أعطاب الماضي في محيطها العربي والإفريقي بمواقف وتحالفات جديدة فيها قدر من الاستجابة لمعطيات الواقع واشتراطات الآخرين، كما أن قضية الحوار الوطني ومخرجاته وحكومته الراهنة لازال السودانيين ينتظرون منها ما يرضي رغباتهم وأشواقهم ويشفي جراحاتهم ويذهب عنهم الأحزان.فهناك الكثير من الملفات والقضايا الشائكة التي حاولنا طرحها وتفكيك شفراتها مع الدكتور الفاتح عز الدين المنصور الرئيس السابق للهيئة التشريعية القومية الذي ترجَّل عن «كرسيه» في مرحلة التغيير التي طالت الكثير من قيادات الصف الأول من «بناية» الإنقاذ، ولكن الرجل منذ ترجله عن المنصة البرلمانية مارس فضيلة الصمت بأقصى مستوياته، لكنه لم يبارح دائرة الفعل والقرار داخل أسوار المؤتمر الوطني ومكتبه القيادي.حاولنا في هذه «الوجبة الصحافية» أن نعيد الدكتور الفاتح الى دائرة الأضواء الصحافية من خلال العديد من القضايا والملفات التي طرحناها عليه.
حوار: هاشم عبد الفتاح
بداية..كيف يقرأ الدكتور الفاتح عز الدين خارطة الأحداث والتطورات في المنطقة العربية والإسلامية؟
أمتنا العربية والإسلامية تواجه حقيقة تحديات عصيبة وعظيمة لم تمر بها في تاريخها الحديث, والشاهد على ذلك وللأسف الشديد الاضطرابات التي أصابت قطاع واسع من دول المنطقة العربية كالعراق الذي كان يمثل طليعة متقدمة ودولة ذات حضارة راسخة، وكذلك دولة سوريا التي كان لها أثراً فاعلاً في الخارطة السياسية العربية لكنها غابت الآن وأصبحت مشغولة بذاتها وتبعتها في ذلك ليبيا واليمن , كما أن هناك بعض الدول تعاني من مشاكل واحتقانات كبيرة وتحديات تحتاج الى وقفة وتأمل وإدارة النظر تجاه هذا الواقع لأنه لازال متداعي ومتدحرج والتحديات فيه ماثلة بصورة عظيمة وتحتاج لحكمة بالغة ورؤية ثاقبة وإرادة متحدة يتجاوز فيها الناس إطار الدولة والتنظيمات السياسية الحاكمة في بعض الدول الى رحاب التفكير الكبير والمجدي نحو الأمة.
والى أي مدى نال السودان من هذا التداعي حظه من المشكلات والتحديات؟
الحقيقة إن االسودان أصبح محل ثقة للقيادات العربية في ظل هذا المناخ الصعب والقاسي، خصوصاً أن السودان مرَّ بظروف وتجارب صعبة لكنه بالتأكيد استفاد منها كثيراً وتولَّدت لديه كثير من الحكمة.
وهل يمكن أن يكون السودان استثاءً في ظل الظروف والتحولات القاسية على المستوى العربي؟
يمكن القول بأن السودان أخذ حظه من البلاء لأنه عانى كثيراً على مدى ربع قرن من الزمان تناوشته عبرها الأزمات والمؤامرات من الغرب ومن بعض دول الجوار في مرحلة من المراحل، وكما تعلمون هي ظروف سياسية واقتصادية وأمنية ودبلوماسية وكل أوجه الحصار، ولذلك كل هذه الدوائر حاولت قذف السودان بالحجارة ونثر الأشواك في سكته ومسيرته ونهضته ولذلك ظل السودان يقاوم هذا الواقع حتي يخرج الى بر الأمان.
ولكن ما هي الدوافع التي فرضت على السودان الاقتراب والعودة الى محيطه العربي؟
السودان لم يكُ في يوم من الأيام بعيداً عن محيطه العربي وعن قضاياه وأزماته خلال الفترات الماضية، بل أن السودان كان في حالة من الوعي والإدراك والحكمة، ولكن للأسف الشديد تعرَّضت مواقفه للتشويه رغم أنه كان يرى ببصيرة مآلات الأمور.والآن تأكدت تماماً حكمة السودان ونظره وتأمله العميق.
هل يمكن فهم ذلك بأنه صحوة وتدارك أخير؟
هي صادفت أن السودان له قدرة على التأمل وتشريح الواقع، وقدرته على طرح الرؤى والأفكار بوضوح وبيِّنة مما أهَّله في ذلك الوقت للإدلاء بآراء كان يستشرف عبرها الوقائع التي حدثت الآن بتفاصيلها المؤلمة من تمزيق لأواصر الأمة العربية وإجهاض لبعض مقدراتها.
ولكن هناك من يعتقد بأن السودان تنازل كثيراً عن بعض ثوابته وممسكاته الوطنية والإسلامية والفكرية؟
بالتأكيد واقع اليوم يحتاج الى حكمة مثلما كانت الحكمة يومئذ من خلال التداعيات التي صاحبت المشكلات التي برزت في المنطقة بصورة عامة سواء أكانت أطرافها إيران او الولايات المتحدة الأمريكية او سواء أكان ذلك من خلال الاستهداف العام للأمة العربية بنظرات إستراتيجية عميقة منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في مطلع حقبة التسعينيات، وقتها كان الغرب يعتقد أن العدو المستقبلي لهم هو الإسلام والآن الوقائع والشواهد كلها تؤكد بأن مسارات السياسة الدولية مستهدفة أي وجود فاعل او أي نشاط مرتبط بصحوة الإسلام ونهضته من جديد.
وما الذي يمكن أن يفعله السودان تجاه قضايا ومشكلات الأمة العربية؟
الواقع العربي اليوم يُملي على السودان أن يتقدم خطوات واسعة مثل ما فعل بالضبط تجاه قضايا محيطه العربي من خلال تجسير العلاقات مع دول الخليج والدول العربية بصورة عامة حتى يتلافى تداعيات ما يمكن أن يحدث في المنطقة.
لماذ العلاقة مع الإدارة الأمريكية دائماً في حالة مد وجذر؟
طبعاً العلاقة مع الإدارة الأمريكية ومع الدول العربية مجتمعة او منفردة، لم تنقطع ولكن المحيط السياسي في وقت ما، مع هذه البلدان كانت تمثل بعض العقبات والمشكلات في عملية تجسير العلاقات بين السودان ومحيطه العربي وبين السودان والولايات المتحدة الأمريكية، أضف الى ذلك كانت هناك ظروف كثيرة أطلت برأسها في ذلك الوقت وأثرت سلبياً في عدم تطبيع العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية وأعني هنا خاصة ظروف وتداعيات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر حيث كانت العلاقات تمضي في مسارات جيدة كادت أن تعيد العلاقات مع الإدارة الأمريكية فكانت هناك جلسات مشتركة عقدت في اثيوبيا وفي إنجلترا ولذلك كادت العلاقات أن تعود ولكننا رجعنا الى نقطة الصفر بعد أحداث سبتمبر لأنها كانت أحداث كبيرة أفحلت في أن تُحدث تحولات كبيرة وجذرية في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة بعدها أطلت قضية الإرهاب برأسها وأصبحت فيما بعد مهدداً خطيراً للعالم، بل أن هذه القضية احتلت وبجدارة أجندة السياسة الدولية العالمية وبالتالي كان لأية دولة أن تحدد موقفها من هذه القضية او البند الأساسي الذي أصبح شاغلاً للعالم.
والى أي مدى كان ملف الإرهاب حاضراً في طبيعة العلاقة بين الخرطوم وواشنطن؟
بالتأكيد هذه القضية ألقت بظلالها على العلاقة الثنائية بين أمريكا والسودان بصفة خاصة او مع المحيط الإقليمي والدولي بشكل عام.
وما الذي حدث الآن تحديداً؟
من خلال التقصي والدراسة والتأمل في واقع التجربة السودانية يكاد السودان أن يكون هو المحيط المستقر على المستوى الإقليمي والدولي على حد سواء رغم أن الظروف لدى بعض المحللين تؤهله بأن يكون الدولة الأكثر اضطراباً من الدول التي حدثت فيها وقائع مرتبطة بالإرهاب , ولكن مراكز الدراسات الإستراتيجية او المعنيين في الولايات المتحدة الأمريكية أصبحوا يتحدثون عن السودان بأنه حالة ينبغي النظر إليها ونقلها الى المحيط العربي والإقليمي.
ولكن البعض يا دكتور يفسر هذا التقارب السوداني الأمريكي وكأنه محاولة من الحكومة السودانية للبحث عن طوق نجاة وإيجاد مخرج للأزمات السودانية عبر حزمة من التنازلات والمراجعات الفكرية؟
أولاً يا أخي الواقع الآن في السودان أفضل مما مضى.فمثلاً الاضطرابات الأمنية والعسكرية كانت في كل أطراف السودان ووصلت حتى أبو كرشولا ومناطق قريبة بالنيل الأزرق وكادت دارفور أن تخرج من اليد تماماً.كما أن السودان الآن في أفضل حالاته من حيث القضية الأمنية فهذه القضية كانت من أهم العوامل التي أقعدت السودان وعطلت قدراته وليس الحصار الاقتصادي فقط.
وكيف هي تبريراتكم للتقارب السوداني الخليجي؟
هذا التقارب تمليه علينا علاقتنا العربية ومسؤوليتنا الأخلاقية تجاه الأمة العربية في ظل هذه الظروف الاستثنائية بأن نخطو خطوات متقدمة نحو التواصل والعمل المشترك.
وهل نحن فعلاً مقبلون على مرحلة انفتاح وعلاقة راشدة مع الولايات المتحدة الأمريكية؟
أعتقد أن كل المؤشرات القائمة الآن على مستوى العلاقات الثنائية مع الإدارة الأمريكية فيما يلي التفاوض في مساراته المختلفة، فالطرفين في الخرطوم وواشنطن يتحدثان حديثاً إيجابياً وأن الأمور كلها تسير في اتجاه رفع العقوبات في شهر يوليو القادم.
هل هي توقعات ام تأكيدات؟
هذا مؤكد طبعاً لأن كل المؤشرات تؤكد أن رفع العقوبات عن السودان سيكون في شهر يوليو وفي تقديري أن هذا القرار سيعد ويكتمل في شهر مايو ويونيو ومن ثم يعلن في يوليو , وفي اعتقادي أن هذا الموضوع لايتم من أجل السودان فحسب، ولكن لأثر وتأثير السودان في المنطقة وهو عامل مهم ورئيس وحاسم في الأحداث والتطورات في المنطقة سواء في المنطقة الإفريقية او العربية.
ألا تخشون من محاولة بعض الدولة او الدوائر الخارجية الأخرى من تعطيل هذا القرار والعودة الى محطة الصفر؟
طبعاً هناك من يحاولون ذلك ولكني أقول إن الآليات الرسمية والإرادة الغالبة ستمضي باتجاه تطبيع العلاقات ورفع العقوبات عن السودان.
وما الأثر الذي سيحدثه هذا القرار؟
بالتأكيد سيكون لقرار رفع العقوبات من السودان أثراً بالغاً وكبيراً ليس على السودان فحسب، وإنما حتى على محيطنا العربي والإفريقي وسيكون مردوده المباشر الإسهام في الاستقرار بالمنطقة وهذا ربما أصبح واقعاً تشهد عليه الشراكات بين السودان وأمريكا والسودان وإثيوبيا والسودان ومحيطه العربي.
تتحدث بعض التسريبات والتقارير الخاصة بأن مصر تحاول تخريب هذه العلاقة بين السودان وأمريكا؟
أعتقد أن القلق المصري ليس له مبرر مطلقاً , ولذلك فإن أي محاولات لتعطيل مسار العلاقات السودانية الأمريكية وتطبيعها لن يفيد مصر بشيء بالعكس من مصلحة مصر أن يستقر السودان وأن تُطوى الملفات العالقة بين الخرطوم وواشنطن.
ولكن القاهرة تمضي الآن بقوة في اتجاه تصعيدي لتوجهاتها ضد الخرطوم؟
في تقديري إن هذا العمل مُدان ومصيره البوار وهو كذلك تردي مريع في العلاقة المصرية مع السودان لم تشهده طيلة الحقب الماضية.وما نشاهده ونسمعه الآن من الجانب المصري سلوك غضب وليس سلوك حكمة , فالحكمة دائماً تقول إن العلاقة بين البلدين إستراتيجية وأن الأمن بين البلدين إستراتيجي ومشترك ليس على مستوى الأمن العام ولكن حتى على مستوى الأمن الغذائي نحن لا يوجد ما يخيفنا فالسودان به.
وجود جيش وآليات عسكرية مصرية تحارب مع حركات دارفور ضد الحكومة السودانية هل يمكن أن تكون مجرد غضبة فقط ام هي رؤية وإستراتيجية؟
أعتقد أن الذي يفكر في رؤية إستراتيجية لا يمكن أن يفكر بهذا المستوى.فكل المحاولات السابقة ضد السودان باءت بالفشل ولم تكن من دولة واحدة وإنما من كل دول الجوار ومدعومة بالإرادة الغربية والأمريكية ولكنها في النهاية أجهضت ولذا فإن الذي أراه هو مجرد غضب عارض وانفعال غير راشد.
وماذا تعني لك قضية احتلال حلايب؟
حلايب ملف قديم قبل الرئيس السيسي وهي كانت بمثابة "تيرمومتر" لقياس العلاقة السودانية المصرية وهي أيضاً مؤشر لحرارة الأجواء او برودتها بين البلدين، وأظن أن العلاقة تحتاج الآن لمزيد من الحكمة والتروي.
مستقبل الحركة الإسلامية؟
حكومة المحاصصة كيف ترسم خطاها؟
الحرس القديم..هل من عودة؟
ما حقيقة الدولة العميقة؟
بأي مرجعية تحكم الدولة الآن؟!
الجزيرة ظالمة أم مظلومة؟
الممارسة البرلمانية بعد دخول الشركاء الجدد؟
كيف يمكن للحكومة الجديدة ان تلبي اشواق السودانيين وترسم خطاها للخروج من الواقع الحالي؟
اولاً هي حكومة مهام وعمرها لن يتجاوز (24) شهراً بالكثير لأن الانتخابات ستكون على الابواب، وستنصرف كل الاحزاب والمؤسسات التنظيمية للتعبئة وتنظيم اوراقها وحشد طاقاتها للانتخابات التي ستجري في عام 2020م, ولذلك فهي حكومة مهام محددة.
وماهي ابرز هذه المهام؟
قضايا الدستور وتنفيذ اجندة الحوار الوطني (بنداً بنداً) في ما يتعلق بقضايا الاصلاح التشريعي والقانوني بجانب قضايا ومشكلات التنمية، كما ان المواطن يريد ان يري اثر هذا الحوار في حياته العامة في ما يتعلق بمعاش الناس وتركيز الاسعار وتحقيق الحياة المستقرة وتقديم الخدمات المختلفة وتحسينها.
الا تعتقد أن شركاء الحوار انشغلوا بعملية المحاصصة وكأنها الغاية الاسمى في عملية الحوار؟
هذه في تقديري جولة انطوت صفحتها، لكني اقول ان المفاوضات التي ضمت اكثر من مائة حزب وحركة مع الحكومة علاوة على الحوار الذي دار داخل هذه الاحزاب لاختيار ممثلين لهم في الحكومة، كل ذلك فيه عنت كبير ومعاناة شديدة. واعتقد ان الفترة التي اخذها الحوار ليست بالكبيرة مقارنة بحجم المسؤولية، وبالتالي اصبح من الضرورة ان الذين دخلوا حكومة الحوار الوطني يجعلون من الوطن القضية الأم.
لكن (الكيكة) كانت حاضرة اكثر من البرامج والمهام؟
كثير من الناس يعتقدون ان الظروف جيدة، وان المناخ مواتٍ، ولهذا فإن بعض الذين دخلوا الحكم يتوقعون انهم سيحققون كسباً لأحزابهم، لكن بالتأكيد هذا يعني ان الحكم في السودان مازال يواجه تحديات كبيرة.
وما هي اذن المرجعية التي يمكن ان تستمد منها هذه الحكومة فكرها وارادتها وموجهاتها السياسية والفكرية؟
الحكومة إجمالاً هي حكومة الحوار الوطني، وانت تعلم ان الحوار الوطني ملف كبير فيه غايات مشتركة واهداف كلية، وفيه كذلك برامج تفصيلية وهي موجودة في شكل (كتيب) يعتبر مرجعية فكرية وسياسية للحكومة ويمثل ايضاً برنامج عمل، ويرتبط هذا الكتيب بمشروع اصلاح الدولة الذي شرعت في انفاذه الحكومة، ويمكن ان تكمله حكومة الحوار الوطني خاصة في ما يتعلق بالقضايا التي كانت تشكل هموماً وشواغل للقوى السياسية خارج السلطة، والآن هي داخل السلطة مثل قضية الحريات وسقوفاتها.
ولكن المجموعة التي مازالت في خندق الممانعة للحوار تنظر لقضية الحريات وكأنها (مناورة) من الحكومة لا تتبعها اية اجراءات حقيقية؟
والله شوف .. الحكومة في اطار برنامجها المتعلق بالاصلاح قبل الحوار الوطني طرحت قضية الحريات ثم جاء الحوار الوطني وركز على الحريات، ثم جاءت القوى السياسية وركزت ايضاً وبشكل اكبر على هذا الملف، ولذلك اعتقد ان الكسب الذي حدث الآن من خلال التطور التشريعي والقانوني في ما يلي الحريات هو تطور كبير, واذا كانت القوى السياسية تريد ان تحقق المزيد من المكاسب في قضية الحوار الوطني فالفرصة امامها متاحة.
ما الذي تتوقعونه في شكل وطبيعة الممارسة البرلمانية القادمة في ما يلي قضية الحريات خصوصاً ان هناك اعضاء برلمانيين جددا؟
اعتقد ان الفرصة متاحة امام الاجيال الحالية بما فيها نحن لتأسيس نظام سياسي مستقر يمكن ان تلتقي فيه الارادة الوطنية ويحقق ويشبع رغبات القوى السياسية ويشكل لها ضمانة حقيقية، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال الدستور الذي غالباً ما تعلن لجنته الخاصة عما قريب، وعلى القوى السياسية ان تشارك لوضع بصماتها في هذا الدستور القادم.
دكتور الفاتح .. وجود برلمان (خليط) من مكونات منتخبة واخرى معينة.. ما هو شكل المشهد الذي تنتجه هذه الممارسة البرلمانية؟
(صمت طويلاً ثم قال): لو حاولنا مراجعة كل هذه القوى السياسية وعلى كثرتها نجدها احزاباً وتنظيمات سياسية خرجت من حزب ام سواء كان حزب الامة (الكبير) او الاتحادي الديمقراطي (الاصل) او كان المؤتمر الوطني، ولذلك مهما تباينت الاسماء وتعددت الوانها السياسية فهي ذات مرجعية واحدة، وغالباً الشعور بعدم المشاركة يصيب البعض بالغبن, فهذه في ظني حالة واقع متجذر في نفوس الكثيرين. واقول ان هذه المشاركة الداخلية في البرلمان ستحدث نوعاً من التقارب بين كل مكونات هذه القوى السياسية البرلمانية بمختلف توجهاتها، وانا شهدت الجلسة الاولى وكان الحديث فيها وطنياً ووفاقياً طغت عليه روح الحوار الوطني، وهو حديث يجمع ولا يفرق، وبالتالي فإن وجود برلمان خليط يمكن ان يكون عامل قوة وليس عامل ضعف، ونحن الآن جميعا دخلنا تحت الشجرة (طبعا ليست شجرة المؤتمر الوطني)، ولكننا جلسنا تحت مظلة الهيئة التشريعية البرلمانية وتقاربت الانفاس، وبالتالي تقاربت الافكار.
ولكن البعض يتوقع ان تحدث مشاكسات داخل (القبة) بين الأعضاء القدامى والجدد خصوصاً ان كتلة المستقلين كانت قد قللت من شأن هؤلاء القادمين واستبعدت ان يشكلوا اضافة موجبة للبرلمان؟
اقول لك ومن خلال تجاربنا السابقة والطويلة عبر الحكم وعبر الائتلافات التي حدثت مع القوى السياسية بما فيها الحركة الشعبية، فمجرد ما تتم المشاركة في الحكم تقع (الحميمية) بين كل الاطراف والمجموعات، ونحن عندما كانت معنا الحركة الشعبية لم نمرر قراراً واحداً بالتصويت، وانما كانت روح الوفاق هي الاصل.
كانك تعني ان الاصوات التي تتحدث بالخارج قبل المشاركة في الحكم تنتفى او تصمت حينما تجلس على كراسي السلطة؟
بالضبط هذا ما اعنيه, لأن واقع المشاركة وواقع المسؤولية التنفيذية المباشرة يبين حجم المسؤولية والتحديات التي تواجه المسؤول القادم سواء في السلطة التنفيذية او التشريعية، ولذلك فإن كثيراً من القوى التي كانت معنا حينما دخلت في دهاليز السلطة كانوا يعذروننا وقالوا لنا قد ظلمناكم كثيراً.
الى اي مدى كان القادمون الجدد خصماً على خريطة المؤتمر الوطني في مكونات الحكومة؟
المؤتمر الوطني حزب غالب بالارقام، والآن عضويته ما بين ستة الى عشرة ملايين، وانا حقيقة شاركت في المؤتمرات التنشيطية الاخيرة، وادركت تماماً أن الدماء تتجدد باستمرار ومازال المؤتمر الوطني حزباً قوياً وفاعلاً وحاضراً في المشهد السياسي.
ما حقيقة ان هناك معارضة او قل حالة تململ داخل المؤتمر الوطني ازاء الحكومة الجديدة؟
هذا غير صحيح، فليس هناك اية معارضة وليس هناك غاضبون، وانا عضو في المكتب القيادي وفي كل مؤسسات الحزب، واعلم ذلك جيداً، ولماذا الغضب؟
ولكن أية عملية اصلاح او تغيير لديها ضحايا؟
لا.. لا أبداً المؤتمر الوطني شبع من السلطة، وأي شخص في الحزب تعاقب على الوزارات وعلى المسؤولية عشرات المرات، وآن الأوان لأن يتراجع بعض الإخوة ويتقدم آخرون، وانا لم اشعر بأن هناك شخصاً في المؤتمر الوطني حزين لأنه فارق السلطة.
ولماذا ابقى المؤتمر على عدد كبير من قياداته داخل الجهاز التنفيذي .. هل لأنهم ناجحون ام ليس لهم بدلاء؟
بصراحة الحكومة الحالية تقريباً اكثر من 70% منها شباب، بل ان كل وزراء الدولة شباب اعمارهم اقل من (40) عاماً، وهؤلاء يتم اعدادهم للحكومة القادمة في 2020م، ولكن هنالك اعتبارات لبعض القيادات لأنها تمسك بملفات حساسة، ولذلك حتمت الظروف أن تظل هذه القيادات في مواقعها، خاصة وكما ذكرت لك ان هذه الحكومة عمرها سنتان فقط .
وهل بدأتم الآن فعلاً الترتيب لانتخابات 2020م؟
طبعاً نحن في المؤتمر الوطني بدأنا مبكرين جداً؟
وهل تم حسم امر مرشحكم لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة؟
هذا سيتم تحديده في المؤتمر العام القادم، وهذا القرار حصري لاجهزة الحزب.
دكتور الفاتح من يدير الحكومة الآن مجلس الوزراء ام المكتب القيادي للمؤتمر الوطني؟
الحكومة يديرها الجهاز التنفيذي، والمؤتمر الوطني لا يتدخل مطلقاً في الشأن الحكومي، والمرجعية للاداء التنفيذي هو مجلس الوزراء والرقابي هو البرلمان.
وما علاقة المكتب القيادي إذن بالحكومة؟
ينظر في موجهاتها العامة فقط.
مصطلح الدولة العميقة ظل يتردد دائماً على المستوى السياسي العام.. ما هي حقيقته وهل فعلاً توجد دولة عميقة؟
ليس صحيحاً .. لا توجد أية آلية بهذا المسمى, وأية آلية تعمل في هذا الموضوع لن تجد حظها من البقاء طويلاً ولا يعترف بها سواء كانت مجموعات او آليات اخرى، فهذا العمل مرفوض، كما لا توجد اية صيغة من الصيغ التي تمثل مرجعية غير المؤسسات الحاكمة مثل المكتب القيادي.
وأين الحركة الإسلامية.. هل انتفى دورها كمرجعية فكرية ودينية للحكومة؟
الحركة الاسلامية لا علاقة لها مباشرة بالاداء التنفيذي ولا كمرجعية.
إذن ما هي وضعيتها ودورها تحديداً؟
الحركة الإسلامية الآن لديها وظائف تتعلق بالدعوة على مستوى المجتمع، لكنها لا تمثل مرجعية في اي مستوى من مستويات السلطة اطلاقاً، ومسؤولياتها وبرامجها محصورة الآن فقط في مشروع الهجرة الى الله والدعوة الشاملة واصلاح ذات البين، بالاضافة الى المشروعات التربوية.
وهل هذه هي ذات المهام والمسؤوليات القديمة للحركة الإسلامية؟
لا ابداً.. حدث تحول كبير لأن الوظائف الكبيرة خرجت منها وذهبت الى الدولة والى الحكومة، فأصبحت هناك مؤسسات ومرجعيات دستورية لا تسمح بالتدخل من اية جهة أخرى.
وكيف حدث هذا التحول هل هو تطور طبيعي ام بايعاز او مطالبات خارجية؟
هو تحول مطلوب من واقع الممارسة، ومنذ زمن بعيد خرجت الحركة الاسلامية من الفعل السياسي اليومي وآل للدولة كاملاً دون الاستجابة لاية مطالبات او ضغوط خارجية.
الذين طالتهم سياسة التغيير من رموز الانقاذ وحرسها القديم اين هم الآن؟
هم مشاركون في الفعل السياسي، وجميعهم اعضاء في المكتب القيادي ويساهمون بفاعلية.
هناك تسريبات تتحدث عن أن هذه القيادات التي خرجت ترتب الآن إلى عودة جديدة إلى دائرة السلطة في الانتخابات القادمة؟
يا أخي مثل هذا العمل يقوم به المكتب القيادي، فهؤلاء مشاركون في المكتب القيادي مثل اخوانهم.
كثيرون يعتقدون ان الدكتور الفاتح خرج مبكراً من السلطة قياساً بآخرين؟
من الافضل ألا أجيب عن هذا السؤال؟
أنت كقيادي بالمؤتمر الوطني انجبتك الجزيرة.. كيف تقيم ما تعيشه هذه الولاية.. هل تتفق مع من يعتقدون انها تعاني من التهميش؟
صحيح الجزيرة صاحبها اضطراب في الفترة الماضية، ليس في أيام إيلا ولكن لزمن طويل، حيث كانت الخلافات سيدة الموقف، وهذا للأسف الشديد الذي اقعد بالجزيرة بفعل ابنائها وليس بفعل الدولة، فالدولة كانت حاضرة ومشرعة ابوابها، وكل قضاياها كانت مطروحة سواء كانت اعادة الحياة لمشروع الجزيرة او التنمية، ولكن النزاع دائماً هو الذي يعطل الحركة، ولهذا عانت الجزيرة كثيراً, واعتقد ان ايلا (اشتغل شغل جيد) وبذل جهداً مقدراً. ومعلوم ان الجزيرة في الماضي لم تكن لها عصبيات، بل ترحب بالقادمين اليها بمثل ما رحبوا بنا نحن في شمال كردفان وفي كثير من ولايات السودان.
وكيف هو مستقبل مشروع الجزيرة في نظرك؟
ستعود له الحياة، والآن يتقدم بخطوات جيدة، ولكن الشركاء المتشاكسين لا يأتون بخير، فلا بد من الجلوس والحوار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.