ألآن و قد أتينا لنهاية هذه السلسلة أجد من الضرورى عرض سياقات قصة أبينا آدم المتعددة سواء لغويا أم الوسط الذى عاش فيه و الإمتحان الذى وجد نفسه فيه فى النهاية و أفضل ما نبدأ به هو الآيات التاية من سورة البقرة: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ(36). و كذلك الآيات التالية من سورة طه: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) و الآيات التالية من سورة الاعراف: فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ (22) أبتدرت القصة ب(واذ قال ربك للملائكة), فى كل كل آيى القرآن هناك تمييز فى السياق بين الله و الرب, عند التدبير الحكيم و خرق القوانين الأو السنن الطبيعية نجد إسم الجلالة الله حاضرا مثل : وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)الاعراف, فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)البقرة, و لكن بصفة عامة فى معظم الآيات عندما تتم الاشارة إلى الله سبحانه تكون ب(ربكم) لأن خرق العادات أمر نادر و حياتنا على الاغلب تسير إحتراما لسنن مضطردة. تتضمن الآيات خلق آدم بسنن طبيعية (ربك) و جاعل تعنى وجود ذلك المخلوق أصلا على الارض و يؤيد ذلك أن الملائكة لا تعلم الغيب و لكنها تعلم عنه الافساد فى الارض وسفك الدماء و الدليل على ذلك من القرآن نفسه: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)آل عمران, لامجال لتفسير أن العالمين هم الملائكة أو الجن (ذرية), إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59)آل عمران, الخلق من تراب لا يكون الا فى رحم إمرأة و هذا هو وجه الشبه الوحيد. تتضمن ألآيات أعلاه أعظم حدث فى تأريخ البشرية و هو إكتمال عقل الانسان و قدرته على إستخدام اللغة و هى سبب حضارتنا الحالية و تسارع خطواتها و سبحان الله عندما ذكربدقة أنه علم آدم الاسماء كلها فيدلنا علم أصول الكلمات(إتيمولوجيا) على أن كل اللغات إنبثقت من الاسماء ثم تعقدت بعد ذلك و تلاقحت و الارجح أنها لغة منبثقة من لغة البوشمن أقدم السلالت الانسانية التى هاجر أفرع منها إلى أصقاع الارض المختلفة قبل حوالى 60000-120000 سنة حسب آخر الابحاث العلمية. الآيات تتحدث عن مخلوق مازال فى مرحلة الهجرة من مكان إلى آخر بحثا عن المأكل و الماء الصالح للشرب و المأوي الآمن و الظليل(لاتعرى) غير مقصود بها ما يرتديه فنحن نقول مثلا (بات ليلته فى العراء) ,مخلوق إما سافك للدماء أم معرض للقتل و لا يعرف ثقافة دفن الموتى مثل قصة إبنى آدم المعروفةو الآيات تتحدث عن نوع من الإنسان الاول قدر له أن يسطو على الأرض و يمحو الباقين من نوعه. فى تلك الظروف و حسب وسوسة الشيطان فإن آدم يحب الخلود و عدم زوال الملك ,إستباطا فإن آدم كان سيدا فى عشيرته و يخشى زوال سلطته و لم يدخل الجنة لوحده فقد دخلها مع قبيلته ففى ذلك الزمان الغابر فلا فرصة فى البقاء لأى إنسان يعيش منفردا و ذلك واضح من الامر بالهبوط للجميع و كما شرحنا فإن الهبوط كان العودة لحياة التنقل و الترحال و المخاطر والجملة (أهبطوا منها جميعا) قد تكررت عدة مرات و معها (بعضكم لبعض عدو). بالنسبة لإرتداء الثياب الآية : يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)الاعراف تخبرنا عن لباس التقوى فى أولها و أشير إليه فى آخرها و فى الوسط (ريشا) و هى الثياب ذات الزينة و هذا خاص بذرية آدم فقط و الله أعلم إن كان آدم وزوجه قد إرتديا ثيابا أصلا. الوسوسة كما أسلفنا كانت من إبليس بالضرب على وتر الخوف من الموت و زوال السلطة فى البداية وكانت لآدم وحده و فى النهاية صعد إبليس من وسوسته بعد لقاء آدم بالملائكة و تغلبه عليهم فى إمتحان تسمية الأشياء, فى المرة الثانية وسوس إبليس لآدم و زوجه و رفع من سقف توقعات الإثنين إلى الخلود و كذلك رفعته زوجه إلى مرتبة ملك بفتح اللام و لذا قال تعالى فدلاهما بغرور. فى المقال السابق عرضنا أن الفعل اللازم يرى بفتح الراء و إشتقاقاته بصفة عامة و مع إستثناءات نادرة لا علاقة له بالنظر و لكن الفعل المتعدى يري بكسر الراء مطلقا ليس فيه أى إستثناء و يدل فقط على الامور الروحية و الفكرية مثل: وَ كَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ(75) الانعام, سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1) الاسراء, إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ۖ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43)الانفال, يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)غافر, وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)الاعراف. الفعل يرى بكسر الراء فى سورة الإسراء يحسم إختلاف الفقهاء إن كان الإسراء تم بالجسد أو الروح أو الإثنين معا,فقد كان بالروح بحسب ألفاظ القرآن الكريم. بحسب المعانى القرآنية الاصطلاحية نزع الشيطان عن آدم و زوجه لباس التقوى الذى يغطى أخلاقهما السيئة (يريهما سوءاتهما) و هنا أستخدم الفعل المتعدى يرى بكسر الراء, لا تقربا كما أسلفنا لاتعنى القرب الجغرافى بحب الفاظ القرآن الكريم بل تعنى السيطرة على التفكير ووساوس الصدر وفى هذا يحضرنى ويا للغرابة وجود باب كامل عن نكاح الحائض فى صحيح البخارى أدعى فيه أن النبى الكريم كان يأمر زوجه الحائض بأن تلبس إزارا يغطى عورتها ثم يباشرها بين فخذيها حتى ينزل, الفعل الجنسي أصلا ينشأ فى العقل و لا تقربوهن تعنى الابتعاد عن الغزل و المداعبة مطلقا فكيف بذاك الفعل الشائن و الذى نسب إلى النبى الكريم زورا؟ إنه أمرمن إله يحض أتباعه على السيطرة على شهواتهم و الصيام و العفة؟! بالنسبة للشجرة فلم تكن شجرة معرفة سحرية و لا شئ و لا خواص لها, كل الامر أنها شجرة ذات ثمار عادية و قد خيل للزوجين أنهما بمجرد أن يأكلا منها ستتبدل هيئتهما فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءتهما ,أى بدا لهما ألخطأ الذى إرتكباه نتيجة لطمعهما و مخالفتهما لامر ربهما إذ وضح لهما أن إبليس قد خدعهما و لمن لم يتابع المقالات السابقة فإن بدا لا علاقة لها بالنظر حسب المصطلح القرآنى المتشابه بل تعنى إنقداح فكرة موحدة فى ذهن عدة أشخاص نتيجة لموقف معين. هناك قرينة أخرى عن عدم وجود معجزات فى قصة سيدنا آدم ألا و هى فقه المعجزة,إن الله سبحانه قد بنى الكون على أسس و قوانين ثابتة رغم مظاهر الفوضى الخادعة حولنا و هذا أمر يعرفه العلماء , بالنسبة للإنسان الاول فقد كان يصعب عليه التمييز بين ما هو طبيعى و ماهو غير طبيعى لانه كان مخلوقا جوالا يبحث لاهثا عن الطعام و الشرب و المأوى الآمن: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ( أَكْنَانًا) وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81)النحل, الاكنان هى الكهوف و هذه تختلف عن: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149)الشعراء, من الخطأ وصف المعجزات بأنها رسائل للعقل البدائى بل هى رسائل للعقل ما بعد البدائى فى فجر الحضارة الانسانية. الشئ الوحيد الغير طبيعى فى قصة سيدنا آدم كان رؤيا الملائكة و الملائكة اصلا كائنات نورانية لا تري بالعين المجردة و لكنها تتجسد لنا بأشكال بشرية جميلة و أحيانا ذوات أجنحة, الجناح يدل على أن الملاك رسول من السماء و عدد الاجنحة يدل على رتبة الملاك : فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)مريم, الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)فاطر. الشيطان خلق من نار السموم أو من لهيب النار و قطعا هو مخلوق له إحتياجاته التى تتلف عن إحتياجات الانسان و لا مجال للقول بأنه طرد من الجنة ألضمير فى أرج منها أو أهبط منها راجع لرحمة الله (لا تتكبر فيها) و الرحمة مقصود بها كما أسلفنا هى القرب من الله: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)مريم, فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65)الكهف, الشيطان يرى مافى قلوبنا(القلب المعنوى) : ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)الاعراف, القلب المعنوى يوجد فى العقل أو الدماغ بفصيه و ملكاته التى تشمل التفكير و الذاكرة و التخطيط المستقبلى و يعرف نقاط ضعفنا و يعمل عليها. الامر للملائكة و الشيطان بالسجود لآدم لم يكن سجود عبادة و لا تكريم لخليفة الله فى الارض بل هو أمر بالانصياع لمساعدة خليفة باقى الاعراق الانسانية و الذى ستسيطر ذريته على باقى المخلوقات الارضية أنظر قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبَالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَ مَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ(18) الحج, وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدَانِ(6) الرحمن. الشجرة لم تكن عجائبية, شجرة عادية و بحسب القرآن فقد أكل منها آدم و زوجه و ذاقاها و فوجئا بأنهما لم يحدث فيهما أى تغيير فناداهما ربهما و طفقا يخصان عليهما من ورق الجنة خوفا و هو تصرف طبيعى , لم تقل الآية (يخصفان على سوءتيهما من ورق الجنة), الشعور الطبيعى لدى الانسان عند الخوف هو الإختباء أولا و إن لم يوجد المخبأ الهرب. تلك هى القصة الحقيقية كما حكاها القرآن الكريم و بألفاظه و معانية دون أى خرافات,هذا لا ينفى حدوث خوارق فى ظروف أخري خلال مسير الإنسان الدينى فمن خلق القوانين قادر على تغييرها عندما يشاء , تفسير القرآن بالقرآن يكشف كثيرا من المعانى المكنونة فيه و يبعد المسلم عن المرويات المتعددة و إختلاف الفقهاء و الاسرائيليات و يرفع درجة اليقينية لديه و بالتالى يفتح باب الاجتهاد المنطقى ويخفف من سيطرة المذاهب. صلاح فيصل