ذات يوم دعاني احد الاخوة لطعام غداء وقد شجعني لقبول الدعوة أن ضيف الشرف هو الشيخ موسي هلال… .كان ذلك قبل اكثر من عشرين عاما… .قبل ذلك سمعت حديثا طيبا عن الرجل من رجال صادقين اذكر منهم الخليفة ابن عمر محمد احمد وهو رجل يعرف قيمة الرجال واحسبه من الصادقين،وفوق ذلك يتمتع باحترام كبير من كل من يعرفه،اما في كردفان ودارفور فاحترام الرجل يفوق كل وصف… .لبيت تلك الدعوة وانا في شوق لرؤية ومعرفة هذا الرجل المهيب… .لم يزد اللقاء اكثر من ساعة زمن ولكنه في تلك الساعة اقنعني بأنه زعيم واسع الافق،خرج من مفهوم القبيلة الضيق الي افق السودان الواسع مع الاحتفاظ بقيمة القبيلة ودورها المحلي الذي لا يتعارض مع دورها القومي… .وهذا ما جعل النظام السابق ان يوكل اليه وزارة الحكم الاتحادي…. .اخطئ النظام حين اعتقد أن الشيخ موسي هلال سيفرح بالوزارة وتقاطعت اراء الرجل مع نوايا النظام فركل الوزارة التي تسيل لعاب السياسيين للجلوس علي كرسيها… .وشن النظام السابق حربا علي الشيخ موسي هلال وتنقل بين معتقلاته دون تهمة تذكر،ولعل الاختلاف بين الرجل والنظام السابق هو ان النظام كان يفكر في بقاءه في الحكم اما الرجل فكان يفكر في بقاء السودان… .وبقي الشيخ اسيرا سنين عددا ظلما،لم يقدم للمحاكمة بتهمة معينة،ولو كانت هناك لعجلوا بالمحاكمة… .وصبر الشيخ موسي هلال علي السجن فهو احب اليه مما يدعونه له… .في تلك اللحظات التي تمتعت فيها بالاستماع اليه شعرت بأنني امام رجل غير عادي رجل طلبته الزعامة ولم يطلبها، رجل قاده افقه الواسع الي الارتقاء بالقبلية من محيطها الضيق الي افق القومية الواسع… .ولا ابالغ ان قلت انه يري الطينة في دارفور كما حجر العسل في نهر النيل،ودرديب في كسلا وتهاميام في البحر الاحمر وحفير مشو في الشمالية لا يفرق بينها فأي منها بالنسبة له وطن… .وهذه صفات لا تجتمع الا رجل اصيل وقوي وامين… .رأيته في فيديو متداول ولاحظت ان الهيبة والوقار التي رأيتهما به قبل اكثر من عشرين عاما ما زالتا تزينان وجهه ومظهره،ولو علم معتقلوه ان السجن سيخرجه اقوي مما كان قبله لما اعتقلوه…. .وخرج من السجن كما خرج يوسف الصديق علي نبينا وعليه الصلاة والسلام خرج عزيزا مكرما من كل من يعرف قيمة الرجال ووزنهم ومواقفهم… .تحياتي لك ايها الشيخ الجليل .