مخاوف عدة اعترت الشارع السوداني بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، التي فجرت سيل الاتهامات بين المكونين المدني والعسكري، مما كاد ان يجرف بمستقبل الشراكة، لولا تدخلات المجتمع الدولي ممثلا في رئيس البعثة الاممية فولكر بيرتس ووساطة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، التي ساهمت في إيقاف الملاسنات واتخاذ موقف الهدوء من أجل العبور بالمرحلة الانتقالية بسلام بحسب ما جاء بتصريحات رئيس الوزراء. هذا الواقع وتلك المتغيرات خلقت واقعا سياسيا جديدا بالبلاد. وتوقع مراقبون حدوث توازنات بميزان القوى السياسي طبقاً لذلك، ولم يستبعدوا تشكيل اصطفاف جديد من (قوى سياسية وحركات مسلحة ولجان مقاومة (صف الثورة والانتقال الديمقراطي) مقابل قوى سياسية وحركات مسلحة ومكونات قبلية (صف العسكر) وتخوفوا من انعكاس تأثيراته على مستقبل الانتقال والانتخابات القادمة، بيد أن آخرين رأوا استحالة حدوث ذلك، وأكدوا أن القوة ستظل للثورة والشارع، وأن أي شيء خارج إطارهما يعد عبثاً ومخاطرة في ظل يقظة الشارع وحراسته اللصيقة لثورته وتمسكه باستمرارها إلى حين إكمال كل أهدافها والوصول لدولة المؤسسات والقانون والعدالة الاجتماعية. وبحسب المتابعات، فإن الشارع السوداني وقوى الثورة أظهر تماسكاً منقطع النظير بعد حالة الشتات والإحباط التي كان يعيشها بسبب ابتعاد الحكومة عن أهداف الثورة، مما خلق جفوة معلنة. وطبقاً لمراقبين؛ فإن محاولة التعدي على الثورة أعاد الأمور إلى نصابها ، وتداعت قوى الثورة لحماية الانتقال وقطع الحلقة الشريرة التي كان يركن لها السودان تاريخياً، والمتمثلة في "ديمقراطية انقلاب عسكري وبالعكس"، في رفض واضح لحكم العسكر وإعلان التصعيد إلى حين تسليم السلطة للمدنيين. ومن جهتها دحضت أستاذة العلوم السياسية بكلية الدراسات العليا بجامعة الخرطوم د. تماضر الطيب، إمكانية حدوث توازن قوى في المشهد السياسي بعد حالة الجفوة والتراشق بالتصريحات بين مكوني للسلطة الانتقالية عقب فشل المحاولة الانقلابية أواخر الأسبوع الماضي، وقالت في حديثها ل(مداميك) إن القوة ستظل للثورة والشارع وإن أي شيء خارج إطارهما يعد عبثاً، وإضاعة حقوق من مهروا دماءهم فداء للثورة. وأكدت تماضر أن السلطة الانتقالية ستمضي في إطار الشراكة مع المكون العسكري، على الرغم من حالة الرفض التي تعتري الشارع وفي ظل المطالبة المتكررة لفضها، ونبهت إلى تصريحات رئيس مجلس الوزراء وتمسكه باستمرار الشراكة بهدوء ومطالبته بتقليل النبرة التعسفية تجاه المدنيين، ونبهت إلى أن العسكر تقع عليهم المسؤولية الأمنية، وأشارت إلى وجود خلط في الأوراق ناتج عن طمع وانتهازية الفلول ومن لف لفهم. وأكدت أن ما يحدث الآن من متغيرات انقضاض على الثورة، ولم تستبعد وجود نزعة انفصالية لدى زعيم نظار البجا ترك ومنحه وصاية على إقليم شرق السودان، وقطعت باستحالة تجزئة الحكم بالبلاد خلال هذه المرحلة، ورأت أنه من الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة وإعلان سلام جوبا والمسارات والتفاوض مع أشخاص كان جزء من نظام البشير المباد، وقالت إن الحكومة ماضية في طريق الانتقال الديمقراطي، وعلى الساعين إلى السلطة انتظار صناديق الانتخابات، وأضافت: "لا ينبغي لأي مجموعة أو حركة مسلحة لم تكن جزءاً من الثورة أن تأتي لاقتسام الكيكة". وقالت: "من الأخطاء الكبيرة مقارنة جميع الأقاليم بإقليم دارفور الذي عانى من الحرب والنزوح"، في إشارة لمحاولات ترك لإحداث بلبلة بشرق السودان لفرض واقع سياسي جديد بفرض الخناق على المركز وافتعال الأزمات ومن ثم تأجيج الشارع وتهيئته للانقلاب بالتنسيق مع المحسوبين على لجنة البشير الأمنية داخل المكون العسكري وفلول النظام المباد. مداميك