ما إن دقت أنامل أعضاء فريق «ريد هوت تشلي بيبرز» على أوتار الغيتار الإلكتروني عشية حفل موسيقي بارد في العاصمة البريطانية لندن حتى غرق الجمهور في بحر من الذكريات رسمتها رحلة فريق الروك التي بدأت منذ 30 عاما بحفلة في مقهى حضرها 30 شخصا. وهذا الشهر يطوف أصحاب أغنية «كاليفورنيكيشن» الشهيرة حول بريطانيا بتسع حفلات موسيقية للترويج لألبوهم العاشر بعنوان «أنا معك»، الذي أطلق في شهر أغسطس (آب) الماضي ويضم توليفة «البيبرز» الخاصة، التي تنصهر فيها إيقاعات «الفانك» و«الروك أند رول» و«الراب»، هذه التوليفة الموسيقية التي يرجع لها الفضل في إبقاء مسيرتهم براقة طوال هذه السنين. وقدم عضو الفريق تشاب سميث وصلة «طبل» موسيقية لجمهور لندن الذي تجاوز 3000 شخص لتسليط الضوء على اللون الجديد الذي تضمنته أغنية «إثيوبيا»، إحدى أغاني الألبوم الجديد المستوحاة من إيقاعات شرق أفريقيا التي انطلق عبرها تصفيق الجمهور على مسرح «أوتو ارينيا» شرق لندن. وخاطب عضو الفريق أنتونيو كيديز (49 سنة) الجمهور بعد أداء أغنية «أنا معك» برغبته في استخدام مترو أنفاق لندن قائلا: «سأركب القطار السريع غدا صباحا»، وتابع: «على ما يبدو أنني لن أصل لوجهتي.. سأقضي اليوم بأكمله أوقع للجمهور وألتقط صورا تذكارية معهم». هذا، ويدرك المتتبعون لمسيرة الفريق الأميركي، الذي يتخذ صرعة «الهيبيز» شكلا له، أهمية هذا الألبوم في مسيرة الفريق، فهو العاشر بعد توقف خمس سنوات من إطلاق البوم «ستيديوم أركاديوم» الذي حقق نجاحا باهرا في عام 2006، بجانب أنه الأول الذي يغيب عنه عازف الغيتار جون فروشيانتي، العمود الفقري للفريق والذي يرجع له الفضل في استقرار هوية اللون الموسيقي ل«البيبرز» كونه أضاف الطابع اللحني للروك الصاخب. يرجع ذلك إلى رغبته في الاتجاه للإنتاج بشكل منفرد، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات حول إلى أين ستتجه الفرقة بعد رحيله. وفي حقيقة الأمر لا يمكن تجاهل الفراغ الكبير الذي تركه خروج فرشيانتي وعلى أثره لم يبدُ صولو الغيتار في أغنية «ويت ساند» الذي اشتهرت به أنامل فروشيانتي نقيا أو يرتقي بذات المستوى الذي يلامس الحواس. وعلى الرغم من أن بديله جون كلوفر عازف غيتار محترف فإن أداءه في هذه الأغنية كان مقلدا وليس أصليا، يرجع ذلك إلى أن فروشيانتي هو من قام بتأليفها أساسا. ولكن يمكن القول إن هذا الانقسام لا يمكن أن ينهي الفرقة، فالألبوم تصدر قائمة أفضل الألبومات في 17 دولة، منها بريطانيا، كما استقر في المرتبة الثانية في قائمة أفضل الألبومات في الولايات، وهو إنجاز كبير إذا ما اعتبرنا أن الألبوم صدر منذ شهرين فقط. وبصرف النظر عن التجديد من الإيقاعات التي تميز بها الألبوم الجديد فإن معظم مواضيع الأغاني تشبه كثيرا تاريخ «البيبرز» التي تتحدث عن قصص الحب والعولمة والسخرية من السياسة التي هي خلاصة تجارب أعضاء الفريق. ويقول أعضاء الفريق إنهم راجعوا أسطوانات «ذي رولينغ ستونز» أثناء كتابتهم للألبوم لرغبتهم في العودة إلى جذورهم. وقد يكون ذلك أحد الأسباب التي دفعتهم إلى غناء عدد كبير من تاريخهم خلال حفل لندن، حيث شكلت الأغاني التي يتضمنها ألبوم «Californication» عام 1999 الكثير من التفاعل، والتي بثت روح ديسكو كاليفورنيا لدى الجمهور البريطاني. كما أعادت أغنية «The other side» الحنين لروك الثمانينات، بينما بثت أغنية «Snow» التفاؤل، هذه الأغنية التي كتبت حول عودتهم للحياة بعد مصاعب إدمان المخدرات. هذا، وتكمن أسباب كثيرة تجعل فريق «ريد هوت تشلي بيبرز» أو ما يعني «الفلفل الأحمر الساخن» فريقا غير اعتيادي.. ليس بسبب الوشوم والأزياء وتسريحات الشعر التي تشبه صرعة «الهيبيز»، ولكنهم أحد القلائل الذين طوروا موسيقى الفنك والراب الخاص بهم بطريقة منسجمة، هم اليوم ربما آخر فرقة تتقن هذا اللون الذي لا يتطلب أن تكون محبا للروك للاستماع إليه. الجدير ذكره أن أعضاء فريقي «ريد هوت تشلي بيبرز»، وعلى الرغم من تخطي البعض منهم حاجر الأربعين سنة، يعتبرون من أكثر فناني جيلهم لياقة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنهم لا يعيشون خلف أسوار الأنماط الغذائية الصحية أو يقدسون رياضة «اليوغا» و«التوفوا» كسائر معظم النجوم اليوم، فلم يتوقفوا عن إدهاش الجمهور بالتنافس على القفز بطريقة «الأرنب» التي اشتهروا بها على خشبة المسرح صعودا ونزولا بلياقة عالية جدا. هذا، ويعود حماس الفرقة الفني الذي لا ينضب إلى أنهم بدأوا قبل أربعين عاما كأصدقاء، حيث عبر عضو الفريق كيديز عن ذلك لإحدى الصحف قائلا: «كل منا لديه نوع مختلف من الذكاء، وهذا هو ما وضعنا حيث نحن الآن، وهو سبب استمرارنا». يذكر أن فريق الروك الأميركي حصد 7 جوائز غرامي طوال مسيرته وتصدرت 9 أغانٍ منفردة قائمة أفضل الأغاني في مختلف الدول. وسيحيي الفريق حفلا خامسا في مدينة مانشستر اليوم بجانب شيفيلد وبرمنغهام.
