مع تواصل الاعتصام في ميدان التحريربوسط القاهرة، تنطبق مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد" على أصحاب المحلات والشركات، وكذلك على الباعة المتجولين هناك. فقد أفاد الاعتصام المستمر في ميدان التحرير منذ أكثر من 40 يوما الباعة المتجولين الذين يملؤون جنبات الميدان ويبيعون كل شيء تقريبا، بدءا من الأطعمة والمشروبات وانتهاء بالأعلام، لكن أضرارا بالغة أصابت أصحاب الشركات والمحلات، وحتى المطاعم المطلة على هذه المنطقة الحيوية. وقال بائع في محل للتحف والهدايا يطل على الميدان -اكتفى بالإشارة إلى نفسه باسم طارق- إن مبيعاتهم تعتمد على السياح الذين أصبحوا يؤثرون السلامة ويتجنبون دخول ميدان التحرير منذ بداية الاعتصام. ووصف طارق -في حديثه للجزيرة نت- ما يحدث لهم بأنه "وقف حال للعاملين وأصحاب المحلات والشركات". وطالب المعتصمين بفتح الميدان أمام المارة والسيارات حتى تعود الأمور إلى سابق عهدها. متضررون وقال صاحب إحدى شركات السياحة رفض ذكر اسمه، إن الاعتصام قد طال جدا بلا مبرر، وأشار إلى أن استمرار الاعتصام بهذا الشكل يلحق ضررا كبيرا بشركته وبالشركات والمحلات الأخرى، لأنهم يعتمدون على حيوية منطقة ميدان التحرير ووسط المدينة في مبيعاتهم. وعن الفارق بين حال الميدان الآن وحاله أثناء ثورة 25 يناير، قال إن أيام الثورة لم تتعدّ 18 يوما، وعلى الرغم من أن شركته كانت مغلقة تماما فإنه لم يشعر بخسارة لأنه كان متضامنا مع الثورة، أما هذه الاعتصامات فإنه يرفضها لأنها بلا هدف واضح. ومن جانبه، قال عبد الفتاح حسن -الذي يعمل في أحد مطاعم الوجبات الجاهزة- إنه يتعرض أحيانا لبعض المضايقات بسبب الاستمرار في غلق جميع مداخل الميدان أمام السيارات، مشيرا إلى أن عمله يتطلب التحرك كثيرا لتوصيل الطلبات. وقال زميله أحمد علي إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فعندما تقع اشتباكات داخل الميدان تكون هذه المحلات والمطاعم هي أول المتضررين، واستدل على ذلك بالدمار الذي لحق بمطعم مجاور لهم قبل يومين، إثر وقوع مناوشات بين عدد من المعتصمين ومجهولين هاجموا الميدان. منافع أما الباعة المتجولون في جنبات الميدان فيرون في استمرار الاعتصام مكسبا لهم، فهو يضمن لهم زبائن دائمين من المعتصمين. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن أيام المظاهرات الكبيرة تشكل مكسبا كبيرا لهم لأنها تعني تحقيق مبيعات مضاعفة. وقال أحدهم -ويدعى جابر- إنه يأتي إلى ميدان التحرير أيام المظاهرات والاعتصامات ليبيع الأعلام، سواء العلم المصري أو أعلام بعض الحركات والأحزاب السياسية والفرق الرياضية أحيانا. مضيفا أن مبيعاته ترتفع كثيرا كلما كان هناك زخم ثوري أكبر في الميدان، بعكس الأيام العادية. وبالقرب منه جلس شاب آخر يبيع مجموعة من القمصان التي عليها عبارات ورسوم ثورية. وقال للجزيرة نت إنه يتمنى "أن يطول الاعتصام أكثر وأكثر لأنه يمثل فرصة كبيرة للبيع". أما مصطفى (بائع شاي) فوقف بالقرب من مجمع التحرير يعد مشروبات ساخنة للمعتصمين والمارة، ويبدو أن طول الاعتصام أوجد علاقة بينه وبينهم، حتى إنه أصبح يردد نفس شعارات ومطالب المعتصمين وكأنه أحدهم. خرجت من الميدان لأستقل سيارة تاكسي فإذا بسائقها رمزي حنا يشكو إليّ استمرار غلق الميدان هذه الأيام الطوال، واضطراره لأخذ طرق بديلة تستغرق وقتا أطول.