العلاقة بين تقدم السن والعطاء.. معين لا ينضب أم يباس بلا ارتواء - العطاء بالنسبة لي استمر بعد الستين بدليل أنني الى الآن أكتب الجمال واحتمال أن يكون الجمال هو الذي يكتبني، أنا منذ سنوات طويلة جداً أقول إن الفضل يرجع لكسلا التي خلقت فيَّ مكونات جمالية، سحب مستمرة العطاء، جبال مخضرة طوال العام، قلوب تنضح طيبة وجمالاً ارتويت منه وفي رأيي أن أي إنسان في كسلا لابد وأن يكون بالضرورة شاعراً اذا لاحظنا أنها البلد الوحيد التي لم يزرها شاعر إلا وكتب قصيدة في هذه الحسناء الشرقاوية التي عشقت جبال التاكا وظلت وفية لها وستظل ما بقيت الشمس تشرق من الشرق. الحبيبة: - أعتقد أن الابتسامة يمكن أن تكون حبيبة، العيون الصافية المكحلة بالصدق يمكن أن تكون حبيبة، الريحانة المظللة بالعبق الحلو يمكن أن تكون حبيبة، في النهاية فإن أي جمال غير قابل للتعامل مع الزيف، وأي جمال يؤمن بالطفولة، بالمحنة يمكن أن يكون جمالاً للمبدعين تلتقي فيه كل الأقواس الاغتراب الروحي : ماذا يعني لك الاغتراب الروحي؟. - الاغتراب الروحي شيء مثبت وثابت ففي رأيي أن الشاعر يولد وهو يحمل في داخله أعماق روح شفيفة عالية الشموخ، روح تطالب بمدن فاضلة، ولو أن أفلاطون خرج من قبره لكان أفنى هذه النظرية وبكى عليها لأن الواضح جداً أن الظلمة في هذا الزمن قد تغلبت على النور فأصبحت الغلبة للغروب ولم يعد للشروق مكان إلا في الزوايا!!. والشعراء يعيشون هذه المرحلة وهم في أوطانهم والشاعر المحظوظ هو الذي يظل في وطنه باغترابه في مكان واحد إغتراب المكان: أما اغتراب المكان فأعيشه غربتين، غربة بعدي عن وطني وتجربة بُعد روحي عن أرواح الآخرين من البشر فأصبحت المسألة بالنسبة لي ظلمة مركزة لكن الشمس التي أحملها في داخلي كإنسان يتعامل مع الكلمة الطيبة أعطتني السماح في أن أقهر ما بداخلي من هذا الاغتراب وأصبر على وجود هذه الابتسامة التي تتخلل أشعاري دوماً والتي أحاول دائماً أن أراها على كل نجمة تشرق أو وردة تناضل من أجل أن تتفتح برغم قسوة الأشواك من حولها وفي داخلها أحياناً. الشوك داخل الورد: - الوردة يمكن أن تكون إشراقة، والوردة قد تكون أشواكاً من غدر الحبيب والخيانة أشواك والزمن نفسه أشواك. مع وردي : كانت قد حدثت غمامة بين الراحل «إسماعيل حسن» والذي اعتبره من شيوخ الأغنية السودانية وبين الأخ «محمد وردي» أدت لنوع من الخصومة فتوقف التعاون بينهما مدة طويلة جعلت وردي يبحث عن شاعر يعطيه بدلاً عن اسماعيل حسن وكنت أنا في تلك الفترة أتعامل مع بعض الفنانين مثل صالح الضي، والتاج مكي، وصلاح مصطفى، وغيرهم فطلب وردي من صالح الضي أن يعرفه على الفنان الذي كتب كلمات «بتتغير» فقال له صالح الضي إنه شاعر قادم من شرق السودان فطلب الأخ وردي أن يلتقي بي، وبالفعل في نادي الفنانين في أمسية من الأمسيات الجميلة وكان ذلك في منتصف «الستينات» *عسل شرقي جداً: ادسك وين من الايام من الدنيا البقت جانية اقول مرات اهاجر بيك نسافر لبلاد تانية بلاد ما فيها ناس جافين موشحة بالظلال حانية عشان نتقاسم الثانية و اريت نتقاسم الانفاس وادسك من عيون الناس فنون