من أكبر الظواهر السالبة التي عرفها السودان ولا أظن أن العالم عرف دولة انزلقت في هذا المسلك الذي ارتبط بتجنيس اللاعبين الأجانب الذين ترغب أندية القمة في تسجيلهم وحالت دون تسجيلهم لوائح تسجيلات الاتحاد السوداني لكرة القدم والتي حددت للأندية عدداً محدداً من اللاعبين الأجانب الذين يجوز لهم تسجيلهم. وما دمنا مقبلين على فترة التسجيلات فإن هذه الظاهرة ستعود للمسرح وبصورة لافتة وغريبة حتى أن هناك من اللاعبين الأجانب الذين تتم إجراءات تجنيسهم بعد سويعات من وصولهم السودان حتى يلحقوا بركب التسجيلات في الموعد المحدد لهذا شهدنا تجنيس البعض منهم في يوم واحد. والغريب أن الكثيرين مِن مَن تم تجنيسهم فشلوا في الملعب وغادر أغلبهم السودان ولم يعودوا يعيرون هذه الجنسية التي منحت لهم أي اهتمام إن لم يتنكروا لها ومن نجح منهم فإن الدولة لا تستفيد منهم في دعم المنتخب الوطني حيث أن أهليتهم الفنية والقانونية للعب للمنتخب لم تكن يوماً من شروط تجنيسهم حتى نفهم مبررات تسجيلهم فالمسألة لا تخرج عن علاقات الإداريين أو مراكز نفوذهم التي يسخرونها لهذه الظاهرة الغريبة وتدفع الدولة ثمن عدم اهتماهم بهذه الجوانب. حقيقة هذا أمر يطرح العديد من الأسئلة التي لم تعنى بها أي جهة رسمية أو أهلية وعلى رأس هذه الأسئلة: 1- إن كانت لوائح الاتحاد والتي حددت عدد الأجانب المسموح بهم قصد به الارتقاء بمستوى اللاعب الوطني وأنها حجة مبررة فلماذا إذن تساعد الدولة إدارات الأندية للالتفاف حول اللائحة إن كانت لمصلحة الكرة السودانية. 2- الاتحاد من جانبه والذي أصدر هذه اللائحة والتي حدد فيها الحد الأقصى للتعاقد مع اللاعبين الأجانب فما جدوى لائحته هذه إذا كانت الدولة تلغي أي أثر لهذه اللائحة بأبواب التجنيس المفتوحة للأندية حتى أصبحت اللائحة حبراً على ورق فهل الدولة والاتحاد ضدان لا يجمعهما هدف وفهم واحد مشترك يتمثل في أي الموقفين من مصلحة الكرة فإن كان في تقييد عدد المحترفين تكف الدولة عن التجنيس وإن كان تقييد عدد الأجانب لا يلحق بالكرة السودانية أي ضرر كما يتوهم الاتحاد فلماذا يضع الاتحاد هذا التقييد على تسجيل الأجانب المحترفين. 3- أما المفارقة الأغرب في هذا الأمر فإن لائحة الاتحاد التي تقيد عدد اللاعبين الأجانب بهذا العدد المحدود هي في حقيقتها تصادر الحق القانوني للأندية الذي تكفله اللوائح الدولية لانتقالات اللاعبين من اتحاد وطني لاتحاد وطني آخر حيث أن انتقالات اللاعب الأجنبي لاتحاد وطني آخر فإنه يخضع للائحة الدولية وليس اللائحة المحلية لأن الانتقال بين اتحادين عضوين في الفيفا إنما يخضع للائحة الدولية وهذا منصوص عنه صراحة في أول مواد لائحة انتقالات اللاعبين, واللائحة الدولية لم تضع أي قيد على عدد اللاعبين الأجانب الذين يحق لأي نادٍ منتسب للفيفا تسجيلهم وكل ما وضعته من قيود فيما عرف بخمسة + ستة هو أن النادي قيد بألا يشرك عند بداية المباراة أكثر من خمسة لاعبين أجانب وليس هناك ما يمنع أن يكون بينهم حارس مرمى حيث لا قيود حسب الوظيفة وأن يكون عدد اللاعبين الوطنيين ستة عند بداية المباراة ولأن الفيفا لا تتدخل في القرار الفني للمدربين فإنها كفلت للمدرب حقه عند إجراء التغيير ولم تقيده بألا يكون البديل للاعب الوطني من اللاعبين الستة من الأجانب ليرتفع عدد الأجانب عن خمسة وبهذا يمكن أن يرتفع عدد الأجانب أثناء المباراة لثمانية لاعبين أجانب وليس خمسة متى قرر المدرب استبدال ثلاثة وطنيين من الستة بثلاثة أجانب لينخفض عدد اللاعبين الوطنيين لثلاثة فقط. إذ ليس هناك قيد على عدد اللاعبين الأجانب في كشوفات الأندية مما يعني أن الحد الأقصى لإشراك الأجانب في المباراة ثمانية لاعبين. والغريب أن هذا القانون الذي أقرته الفيفا في مؤتمر سيدني وجد رفضاً من أندية الاتحاد الأوربي حتى أن تطبيق القانون أخضع لجدول زمني حتى لا يخل بالأندية لأن هذه الأندية مؤسسات استثمارية وحققوق الأندية الاحترافية كما نعلم واحدة لا تميز بين الأندية. لهذا لماذا يصادر الاتحاد حق الأندية ويجبر الدولة على أن تتحايل عليه بتجنيس اللاعبين دون رؤية فنية لمصلحة البلد العليا. وما جدوى إصدار لوائح مخالفة للائحة الدولية ونتحايل عليها بالتجنيس من جانب الدولة.