* منذ وقوع الحادث الأليم الذي أودى بحياة نفر كريم من أسرة أخينا مزمل أبوالقاسم وأصدقاء الأسرة.. من يومها غاب أخونا مزمل وعزف عن الكتابة نتيجة الأثر النفسي العميق.. * ومزمل حالياً في قاهرة المعز برفقة أولاده للاستجمام والخروج من الأجواء الحزاينية، وقد تمتد غيبته حتى نهاية عيد الفطر المبارك.. * بعد أن طالت غيبة مزمل عن الكتابة انفعل الآلاف من الأحباب والأصدقاء وزملاء المهنة، خاصة جماهير الصفوة فأكثروا من المناشدات عبر الأسافير.. وعبر الكثيرون عن انزعاجهم لاحتجاب (كبد الحقيقة) بالمقالات والقصائد والرسائل وكلها تناشد مزمل ليتجاوز أحزانه ويعود لجماهيره وأحبائه.. إيماناً وصبراً على إبتلاء الله سبحانه وتعالى: (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات.. وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).. صدق الله العظيم. * وكم كان جميلاً أن نطلع على كتابات منقولة من قروبات الإخوة الأهلة تعبر عن تضامنها مع مزمل في احزانه.. مع الإقتراح بإختيار ممثلين من قروبات الأهلة للقاء مزمل وتقديم العزاء له ومناشدته بالعودة للكتابة.. فهو بالنسبة لهم جزء من الجسم الرياضي الكبير في السودان والذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. * انهمرت علينا الرسائل والمقالات والقصائد من كل صوب وهي تخاطب المزمل وتناشده بالعودة لقواعده وأحبائه.. وأحب أن أنقل هنا نموذجاً لما خطه يراع السيد حسن بشير من قروب الديناكوردات وهو يناجي المزمل: * ينبئني إحساس العشق بأن المكان يناديك.. وأن الزمان وقف راجيك.. * أثمرت مغارسك أجيال من أزاهر الندى يفوح منها عطر نفسك وذاك صنع متفرد تحوزه يديك.. * فكنت وكان إفتضاح العطر يقول عنك.. هنا أنت.. غيبة وحضور.. * مزمل.. لما بدأ المكان موحشاً بعد أن كان مؤنساً.. لما أحلتتنا الظلام في عز نهارنا.. * ويح صحافتنا ما هذا الوجوم.. ويحها من هذا الجفاء المسموم.. * أراها بعين وأخرى حب وحقيقية.. كئيبة.. رتيبة.. غريبة.. وعجيبة.. * لما هذا الحزن.. إلى أي أمد يطول.. أحزنت حتى الظلال الوارفة.. * مزمل.. حروفي خجلي وانا أكتب إليك دون أن تقودني قدماي حيث أنت.. * على أي مسارح البكاء تتوشح أحضانك بعض أحزانك.. على أي معارض الحب توقفت معزوفات اوتارك.. على اي انغام الغناء ماتت ألحانك.. على اي السفوح نحرت اشعارك.. أين ذبحت كلماتك.. أراني الذبيح.. وكلنا الجريح.. من بعد موات أغنيات صدى ذاتك.. ويح نفسي وما اغترفت يداي.. * مزمل.. يا قيثارة الوجد الأول يا مهد الحب و شيخوخة الغرام وكهولتي.. بحثت عنك كثيرات يمارسن العلاقات الحميمة.. إنها يراعاتي.. يسألن عن كبد الحقيقة.. عنك.. عن يدك.. عن اليراع.. متى يعود للذهن الحضور.. بشتات من جوهر الغزل.. الفن.. الإبداع.. الرقص.. والطرب.. * يا ميسي تلاعب الكلمات.. من يجمع كل ذلك إلا أن يكون ساحراً يستغفل حسناء اليراع.. إنه عندنا المزمل.. * أتدري أنني.. زمنا تجنبت أن أكتب عنك لعله خيفة تنتابني في زمن الوجل.. خبأت نبض القلب.. كم قاومت.. كم كابرت.. ثم نكصت من عهدي أجل.. فانصرفت وكلي أمل.. ولكن كيف بأملي أن أكتب عمن طوع الحروف وأبدع في حياكة الكلمات أن يجاريه حرفي الذي لا يفرق بين علوم البلاغة ودنيا البديع.. * تأهت خطاي.. بحثت عنك كثيراً.. مررت بكل الدروب.. أتلفت بشغف.. دؤوب.. دققت داخل كل شيء.. أبحث عن ذاتي جواك أنت.. لكم اشتقت لحروفك الندية.. ليت شوقي يرتوي.. ليتني التهم من زمنك بعض ثواني.. ليتني أرتوي.. عدت أتهجأ منك سابق حروف حتى أطيل فيك البقاء.. لكم أحب فيك ومنك حروف الغزل.. وكل حرف المدح ومزاح الهجاء.. * شوقي إليك أكبر من أن يحتمل.. أكبر من أن تحتمله كلماتي.. ألم أقل إن الشوق إليك هو أورادي التي أتحصن بها.. ألم أقل أن الشوق إليك هو معصيتي التي عجزت منها أن أتوب.. * أيها المحبوب.. يامن تطوع فينا توهان الحروف.. يا من ترتب فينا الإنسان.. والأذهان.. الظمأ يجرفني.. يدفعني دفعاً إليك.. حيث ترتع موسيقي الحروف.. وترقص على أنغام يراعك.. فنحتسي من فاهه عصير الكلام.. نغم الحياة.. لكم أجوع إليك.. ويح من أمنياتي.. * مزمل.. وانا الصائم عن الكلام دوما ما أفطر على حرف منك.. أبدأ به السلام.. اختزله.. اتزود به.. فسعدي قيثارة تسطرها.. لأعيش نوبه فرح من رحم الأحزان.. * مزمل.. أعلم أن الوجع دفين.. أيقن أن الجرح عميق.. أدري أن الحزن فيك لا يفيق.. ولكن أيها الطيب فينا ثق بأننا سنمضي في ذاك الطريق.. ولكلنا أجل.. بنا أو لنا أو علينا.. ولن تتوقف تراتيل وترانيم.. وتعود برغم الأحزان الأنغام.. رحم الله تعالى كل من مضى.. * أخي مزمل.. مصابك وغيابك اوجعني حد اللانهائيات.. ووسط هذه المواجع لعلي نسيت شيئاً.. لعل هنالك من ينتظرك.. عساك بقربك منه تمحو عنه دمعه تأبى إلا أن تطل.. إنها دنيانا التى تبكينا ونبكي منها وعليها.. والكيس الفطن يقول نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة.. فكيف أبكي على شيء إذا ما ذهب.. * مزمل.. إن العين لتدمع.. وإن القلب ليحزن.. وما نقول إلا ما يرضى الله تعالى.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. * أخي مزمل.. الكل ممن هو أعلى شاو.. وأقرب منزله.. مني إليك ناشدوك فماذا يساوي يراعي بين صفوف المناشدين.. ولكني أطمع في استجابة.. من أجل.. من أجل ماذا وهم كثر.. اترك تقدير ذلك لك.. ولكني فقط أقول من أجل الله تعالى لا تستنكر الموت وتعتقل الحياة.. * أخيرا من أجل نفر يناجيك لعلك تكون بقربه.. من أجل الناس الكاتمة الآهه.. الخانقة الفاقة.. الجارية وراك.. من أجل البيوتات الباكية.. الصابرة.. ومنتظرة صفاك.. من أجل ذاتك أنت.. * عد يا أيها المزمل.. * تحياتي.. السيد حسن بشير (قروب الديناكوردات)..