تسلل الهلع إلى نفوس كثير من مزارعي مشروع الجزيرة، خوف تكرار مآسي عطش محاصيل العروة الصيفية بعد تأسيسها جيداً، حيث يخيم العطش على أراضي المشروع في شهر سبتمبر من كل سنة، ويرجع مسؤولو الري دائما السبب في حدوث ضائقة العطش سنويا في هذه الفترة، إلى زيادة الطلب على المياه المنسابة من قنوات الري التي تكون عادة أكبر من الطاقة التصميمية للقنوات، الأمر الذي يقود إلى حدوث ضوائق مائية بكثير من مناطق المشروع، لا سيما أن المزارعين بعد إجازة وتطبيق قانون مشروع 2005م لم يعودوا يلتزمون بالمساحات التي ينبغي زراعتها في العروة الصيفية، حيث أوضح أحد المختصين في مجال الري ل «الصحافة» أن الري الانسيابي بالمشروع منذ تأسيسه وإلى يوم الناس هذا يعتبر ريا تكميليا للري المطري، حيث يفترض الاعتماد على الري المطري في تأسيس المحاصيل في مراحلها الأولى، ومن ثم يلجأ لتكملة ما تبقى من حاجيات للري بواسطة الري الانسيابي، إلا أن المزارعين يرون أن إدارة الري يشوب أداءها كثير من المعايب، حيث أن الطمي قد غطى مجاري القنوات وهي لا تقوى على فعل شيء إلا بعد استفحال الحال، علاوة على أن بعض القنوات لم يتم تطهيرها البتة منذ بداية الموسم، الأمر الذي حدا بالمزارعين إلى تقليص مساحاتهم المزروعة، وخوفهم من انقطاع المياه عن محاصيلهم، مما يقود إلى تكبيدهم خسائر فادحة ربما أخرجتهم من العروة الصيفية خاليي الوفاض، إن لم يتم تطهير الترعة التي توصل الماء إلى محاصيلهم في أسرع وقت ممكن. وقال المزارع بترعة الكتير صغير بمكتب الكتير «32» منصور مصطفى منصور، إن الترعة التي توصل المياه إلى حواشاتهم ومن ثم الى محاصيلهم لم يتم تطهيرها وحفرها هذا الموسم، الأمر الذي حدا بهم إلى تخير بعض «التلاتات» لزراعتها، حيث اضطروا لاستبدال المخطط الذي يفترض زراعته ذرة ليزرع في غير المكان المخصص له بغية التمكن من ريه وعدم تعرضه للعطش. وأضاف منصور أنهم عمدوا إلى زراعة مساحة الذرة عدساً، غير أن انقطاع المياه عن نمرة العدس لم يمكنهم من الاستمرار في زراعته. وطالب إدارة الري بالإسراع في حفر وتطهير ترعة الكتير صغير التي يُناط بها ري أكثر من «14» نمرة أي ما يفوق «1260» فدانا. وقال إن العطش يهدد مستقبل محاصيل العروة الصيفية عندهم، فإن لم يتم تلافي أسبابه فإنهم لن يجنوا سوى الخسارة من زراعتهم. وغير بعيد عن إفادة منصور قال المزارع عبد الوهاب عبد الماجد، إن العطش يهدد محاصيل العروة الصيفية، وإن موجة العطش هذه اصبحت كأنها حصة أو جرعة لا بد من المرور بها، حيث لجأت إدارة الري إلى قطع المياه في شهر أغسطس نسبة لارتفاع معدل هطول الأمطار، وفي هذه الفترة لا يكون المزارعون في حاجة لاستعمال الري المنتظم أو الانسيابي، مما يضطر إدارة الري إلى وقف الإمداد المائي عن القنوات، ولكن بعد أن يتوقف هطول الأمطار ويقل معدل هطولها تحتاج المحاصيل إلى الري، فيلجأ المزارعون إلى القنوات فيجدونها في الغالب الأعم خاوية تشكو من قلة المياه أو انعدامها في جوفها كلية، الأمر الذي يقود إلى ضوائق مائية بالمشروع، ويكون مدعاة للشد والجذب بين المزارعين. وأمن عبد الوهاب على إفادة منصور بأن الترعة التي توصل المياه لهم لم يتم تطهيرها وحفرها في بداية هذا الموسم وإلى اليوم، مما عرض المساحات التي زرعوها إلى العطش. وزاد بأن القناة الرئيسية للري «الكنار» التي تغذي ترعتهم لا توجد بها مياه هذه الأيام كافية لمد المحاصيل بما تحتاجه من جرعات مائية. وطالب عبد الوهاب إدارة الري بالإسراع في حفر وتطهير ترعتهم حتى يتسنى لهم الخروج بالموسم إلى بر الأمان، وحتى لا يتكرر سيناريو المواسم السابقة الذي كبدهم خسائر فادحة وخرجوا من المواسم صفر اليدين. أما معاذ يوسف بترعة أم جريس التابعة لمكتب الكتير، فيقول إن محاصيل العروة الصيفية «الذرة، الفول السوداني والقطن» تم تأسيسها بصورة جيدة، وأنهم إلى الآن لم يعانوا من مشكلات، الا أنهم يتخوفون من تكرار مآسي عطش المحاصيل في كل موسم في شهر سبتمبر، حتى أضحى مقدمه مصدر قلق وهواجس للمزارعين. وبترعة الحصاحيصا بحري يقول رئيس رابطة مستخدمي المياه الزين بخيت، إن محاصيل العروة الصيفية تمر بأزمة مياه طاحنة، وأنه لولا هطول الأمطار في الفترة السابقة لكان الوضع أسوأ مما يُتوقع. وقال إنه إذا لم يستمر معدل هطول الأمطار بالوتيرة الحالية فإن محاصيل المزارعين بالمشروع قاطبة ستكون في محك حقيقي وأمام تحدٍ كبير ربما أفضى إلى خروجهم من الموسم إن لم تتخذ إدارة الري التدابير اللازمة والكفيلة بمحاربة العطش، وتسهيل انسياب المياه إلى المحاصيل عبر تطهير القنوات وحفرها. وأشار إلى أن جميع المزارعين مشفقون على مستقبل المشروع قاطبة، حيث أن غياب الرؤية الواضحة عن مآلاته هو المسيطر على الجميع، وأنه لم يتم اتخاذ أية خطوة بشأن حقوق ملاك المشروع، رغم الهالة الإعلامية عنها في السابق، وحتى الكلام والوعود عنها انقطعت.