ولاية نهر النيل هي فعلاً ولاية المفارقات في موسم الانتخابات أم ان هناك ولاية أخرى تنافسها في هذا المضمار. وإذا نظرنا للأحداث التي مرت بها الولاية ومفارقات الترشيحات فيها سنجدها بلا منازع هي ولاية المفارقات في موسم الانتخابات. ولعل اول هذه الاحداث هي محاولة اختطاف رئيس لجنة الانتخابات العميد (م) شرطة عثمان الباهي ولكن تلك المحاولات فشلت لعدة أسباب ولعل واحدة منها هي ان المختطفين تعاملوا مع رجل شرطة سابق عرف كيف يتعامل مع المختطفين. ولعل هذه يكون الفرق بين المحاولة التي تمت لاختطاف الصحفي محمد طه محمد أحمد صاحب الوفاق حيث نجح المختطفون في استدراج (طه) رغم انه ادرك مؤخراً في هذا (الكمين) ولكن محاولات الافلات فشلت، رغم ان الاستاذ محمد طه محمد أحمد قانوني وكادر سياسي نشط منذ كان في جامعة الخرطوم والى ان التحق بالمكتب السياسي للجبهة الاسلامية القومية، وكان يمثل الطلاب والشباب وكان يجلس في مجلس واحد مع كبار رجالات الحركة الاسلامية مثل د. حسن الترابي وعلي عثمان وأحمد عبد الرحمن محمد وعلي الحاج وابراهيم أحمد عمر ومحمد يوسف محمد وغيرهم. وبالتأكيد فإن نشاط محمد طه السياسي كان من المفترض ان يكون في تلقي دورات (أمنية) مبسطة لتوفير الحماية لنفسه في ظروف مثل هذه أو مشابهة. وهذا ما جعل رئيس لجنة الانتخابات في نهر النيل يستفيد من عمله السابق في الشرطة وتفشل محاولة اختطافه. ومحاولة الاختطاف هذه هي اول محاولة لخرق الانتخابات ولكن تساءل المراقبون لماذا اختيرت ولاية نهر النيل لتنفيذ هذا الحدث باعتبار ان ولاية نهر النيل من أكثر الولايات أمناً لأن المكونات القبلية والاسر وامتداداتها معروفة لدى الجميع برغم الحراك الذي احدثته التنمية فيها وقيام الطرق والجسور واصبحت هي الولاية الوحيدة التي تغطي كل مساحتها المسافة ما بين ميناء السودان الأوحد (بورتسودان) والعاصمة القومية أو السياسية (الخرطوم). ٭ المفارقة الثانية أما المفارقة الثانية هي ان ولاية نهر النيل أول ولاية اصدرت منشوراً تمنع فيه استخدام دور العبادة في الدعاية الانتخابية للمرشحين، ورغم ان هناك ولايات أحق من نهر النيل في اتخاذ هذا القرار لكن لم تتخذه مثل ولاية الخرطوم أو الجزيرة أو ولايات الجنوب بصفة خاصة. ورغم ان ولاية نهر النيل بها طائفة قبطية كبيرة في عطبرة وبربر وشندي، ولعل هذه الطائفة هي طائفة مسالمة واندمجت في المجتمع السوداني وهي تشارك المسلمين في (الافراح) و(الاتراح) وكل المناسبات الاجتماعية. وطائفة الاقباط في شندي قد حسمت أمرها و(بايعت) (بايعت دي كيف) واعلنت مساندتها لمرشح المؤتمر الوطني في الدائرة (6) شندي د. نافع علي نافع، وبالتالي لا يوجد منافس من نفس الطائفة مرشح في هذه المنطقة، وبالتالي تبقى دور واحدة من دور العبادة في نهر النيل وهي (الكنيسة). أما المساجد فمعظمها مقسم هذه مساجد (الختمية) وهناك مساجد (أنصار السنة) معروفة بمواقعها وأئمتها وهناك مساجد القرى والتي تتقسم معظمها بين هاتين الفئتين. وهناك مساجد أخرى شيدت بالعون الذاتي وأخرى ساهمت الحكومة في بنائها أو اعادة تأهيلها، ولم ندرِ الى ماذا هدف القرار الى تحييد دور العبادة في المسألة السياسية وان لا تكون مكان دعوة لاختيار (القوي الامين) وان لا تكون فيها مناصحة لجمهور المصلين من الناخبين حتى يدركواالاهمية لهذا (الصوت) وخاصة وان هناك (آراء) تقول التصويت (للعلمانية) (حرام) فكيف يعرف المصلون هذه الامور. والأمر الثالث المعروف أن (السياسة) من (الدين) وبالتالي هي جزء مهم لأنه مرتبط بخدمة العباد وأيضاً معروف دور (المسجد) حيث كانت تناقش فيه أمور المسلمين (الدنيوية) وليس (الآخروية) فقط. وبصدور هذا القرار من لجنة الانتخابات في نهر النيل فقط دون سائر الولايات يكون في الامر مفارقة تضاف إلى مفارقات ولاية نهر النيل في موسم الانتخابات. ٭ المفارقة الثالثة ومن المفارقات التي تميزت بها ولاية نهر النيل هي عملية الترشيحات للمجالس القومية أو التشريعية فنجد من (بيت) واحد اكثر من مرشح كل واحد يمثل حزباً مختلفاً من الآخر. ولعل أول هذه الصور برزت في منطقة (العالياب) التي تتبع لمحلية الدامر فهناك (شقيقان) يتنافسان على مقعد واحد وهم من أسرة (عكريب) فالاول (مؤتمر وطني) والثاني حزب (أمة)، وقد فشلت كل المحاولات ليتنازل واحد للآخر ولكن تم اقناع الجميع ليس في الامر مشكلة لكل واحد منا توجه سياسي (معين) ولا يمكن لواحد ان يتنازل للآخر لان التوجه السياسي مختلف إلا ان البعض أدرك (ذكاء) هذه الاسرة فاذا فاز (الوطني) أو الذي يمثل حزب (الأمة) فان واحداً من الاسرة يكون قد دخل المجلس (التشريعي). وفي مدينة شندي المفارقة أكبر حيث يدخل التنافس على مقاعد المجلس التشريعي لولاية نهر النيل اربعة من (أسرة) واحدة وهي أسرة معروفة في (حي قريش). الأب حسين النور حميدة يدخل المنافسة وهو يمثل الحزب الشيوعي السوداني وهو معروف فقد نافس من قبل الدكتور حسين سليمان أبو صالح في دائرة شندي في انتخابات (1986) ولكن هذه المرة ينافس على مقاعد المجلس التشريعي للولاية و(الابن) عامر حسين النور حميدة ينافس والده (الشيوعي) في نفس الدائرة، ولكن (اخوان مسلمين) أما العم صديق النور حميدة فينافس شقيقه وابن شقيقه في نفس (الدائرة) ولكن العم مرشح للمؤتمر الوطني، وهناك زوجة عامر الاستاذة سامية حميدة النور وهي تنافس أعمامها (حسين النور) شيوعي و(صديق النور) مؤتمر وطني ولكنها تنزل في أحد قوائم المرأة. ولعل هذه واحدة أيضاً من مفارقات ولاية نهر النيل في موسم الانتخابات، ألا تستحق ولاية نهر النيل بهذه المفارقات أن تكون (سيدة) الولايات في موسم الانتخابات.