لا يزال مواطنو امدرمان يتمسكون بصورالحياة التقليدية رغم موجة التغيير والتطور التي لحقت بالسودان في الاونة الاخيرة، وفي منطقة امبدة التي تعبر عن أصالة المواطن السوداني تجد القديم يتجاور مع المعاصر في انماط الحياة المختلفة وتمتاز امبدة بقدرتها علي صهر وادماج القديم في الجديد في توليفة قلما توجد الا في امبدة . بالقرب من سوق ليبيا الذي ذاع صيته واشتهر ببيع المستلزمات المنزلية في مواسم رمضان والاعياد وازدهرت سمعة خدماته في الافاق كسوق الناقة . . هنا تصادف في طرقات السوق عربات تجرها الحمير تعمل كخدمة مواصلات عامة تنقل مواطني المنطقة من والي السوق ، وهناك صادفناه بعربة الكارو التي يجرها حمار رشيق معتدل الصحة تظنه من علي البعد حصانا جامحا، والكارو مصقولة جيدا ومطهمة بالنيكل علي جنباتها . . اقتربنا منه وسألناه عن محطته النهائية فأجاب سوق ام دفسو الحارة 16 ركبنا معه علي متن الكارو، وقال لنا عبده يحيى وهو شاب في اواخر العشرينات من عمره انه يعمل في هذا المجال منذ عدة سنوات وان الكارو تستخدم كعربة نقل ركاب فقط، وقطع عبده انها لا تستخدم في اي عمل اخر ، واوضح عبده انه يعمل في نقل المواطنين من سوق ام دفسو والحارات التي بقربه الي سوق ليبيا يوميا حاملا مختلف الاعمار علي ظهر الكارو ، وابان عبده انه يستخدم في عمله حماران بنظام الوردية تبدأ الاولي للحمار الاول من الصباح وحتي العصر، بينما يعمل الحمار الثاني من العصر وحتي المساء ، وكشف عبده ان تغذية الحمار الواحد في اليوم تكلف 15 جنيها وتتكون وجبته من القصب والبرسيم والبلح . . هنا قاطع حديثنا احد الركاب واسمه ابراهيم قائلا نعم هذه الحمير تأكل البلح وكثيرا ما شاهدتها وهي تأكل البلح وتلفظ نوي البلح بعد أكله ، ولما رأى عبده «صاحب الكارو » حيرتي اضاف ان هذه الحمير تجلب من مدينة دنقلا وتتميز بالطول العالي وشدة التحمل والسرعة لانها تعتمد في غذائها علي البلح . وطوال الرحلة كنا نشاهد عربات كارو تغدو جيئة وذهابا وهى ممتلئة بالركاب وكلها تتميز بتشكيل الالوان والزخرفة، يواصل عبده حديثه : تفرش الكارو بالبساط للدلالة علي الوجاهة والنظافة وتوضع علي رقبة الحمار دوائر من الحبال الملونة مربوط بها كيس كمون اسود لطرد العين والحسد وتوضع في مؤخرة الكارو قطعة شملة كبيرة ، ويوضح عبده انهم يضعون علي ظهر الحمار في مكان السرج عددا من المخدات تسمي «بالبرادات » لكي لا يصاب ظهره بالاحتكاكات، ولاتخلو اى عربة كارو من مسجل مع سماعات ضخمة يصدح صوتها في الافاق معلنا عن نفسه وتتباين الاغنيات المنداحة وفق مزاج صاحب الكارو مابين الاشرطة العربية والغربية والسودانية، يضيف عبده بعض الناس تفضل الاستماع الي الاغاني لكن في رمضان نشغل اشرطة القرآن الكريم استجابة لرغبة الركاب .