اشتهر السيد الصادق المهدي بعبارات وجمل وكلمات تظل باقية في الاذهان خاصة تلك التي ارتبطت (بالانقاذ الوطني)؛ لأنه المعارض الأول لهذا النظام الذي انقلب عليه وجعله ينتقل من صفوف (الحكومة) الى صفوف (المعارضة). ولعل الصادق المهدي وهو رئيس حزب الأمة القومي وامام الانصار وخريج الكليات البريطانية لا يترك الفرصة التي تلوح أمامه وإلا يوظفها طعناً في النظام، وهذه واحدة من الاشياء التي تحمد للسيد الصادق المهدي الذي اعتمد على هذا الاسلوب دون غيره من الأساليب التي اتخذها غيره من بقية القوى السياسية. وتظل «كلمات» و«جمل» السيد الصادق المهدي راسخة أكثر في اذهان (أنصاره) وبدرجة أقل في أذهان (غرائمه). ولعل من أبرز (كلمات) السيد الصادق والمنسوبة اليه تقول «ناس الانقاذ ادخلوا الناس المساجد ودخلوا هم السوق». والعبارة رغم ان ظاهرها نقد لاذع الا انها تعتبر دفعا (ايجابياً) بالشكل الذي تقرأ به من زاوية أخرى. وهي ان برنامج (الدعوة الشاملة) الذي تبنته حكومة (الانقاذ الوطني) قد نجح بشكل مطلق والدليل ان الناس قد دخلت (المساجد) نتيجة لهدف هذا البرنامج الذي نفذته حكومة (الانقاذ) وبالتالي يحفظ لهذا البرنامج نجاحه. واذا نظرنا اليه من زاوية السيد الصادق المهدي وماذا اراد بهذا الحديث ان هناك عملية (تضليل) أو عملية (تمويه) حدثت لهؤلاء الذين دخلوا (المساجد) دون ان يحصلوا على فوائد أخرى يمكن الحصول عليها من دخول السوق الذي استأثر به أهل الانقاذ الوطني دون غيرهم، وحققوافيه مكاسب كبيرة كما يفهم من هذا الحديث المنسوب الى السيد الصادق. ويبدو أن الجماهير التي دخلت المساجد حالها أفضل من هؤلاء الذين باعت اليهم قيادات (الطوائف) صكوك الغفران وتركتهم في الضلالة والجهل يعمهون. والصادق المهدي يلحق بقيادات (الانقاذ) ويدخل (السوق) ولكن هذه المرة يدخله في إطار حملة انتخابية يتفقد أعرق الأسواق في السودان سوق (أم درمان) وكاميرا تنقل رحلته داخل السوق وهو يقف في محلات مختلفة مستفسرا عن الأحوال والأوضاع، خاصة وان شعار حملته الانتخابية (رعاية لا جباية) والجباية في عهد الانقاذ انتشرت في المحليات وأخذت تتعدد،الأمر الذي أثقل كاهل كل مواطن أو تاجر أو صاحبة (كنتين). والصادق يعترف ويقول انه لم يدخل السوق (متسوقاً) أي لشراء بعض مستلزماته وان هناك من يقوم بهذه المهمة بدلاً عنه. والسيد الصادق ليس الوحيد الذي وجه هذا الاتهام لأهل (الانقاذ) ولكن كثيرين يقولون هذا خاصة وان هناك حالات فجأة انتقلت من خانة الوسطية الى خانة (الثراء)، ومنهم من كان على خط الفقر أصبح الآن من وجهاء المدينة ولكن يلاحظ أن معظم (الأسماء) الكبيرة في عالم (المال والأعمال) لا علاقة لها بالانقاذ الوطني وهي أسماء معروفة الانتماء السياسي ومعروفة من حيث الأسر، وبعض الأسماء لها تاريخ طويل في السوق. ونجد تلك الأسماء المعروفة تعاملت معها (الانقاذ الوطني) في تنفيذ بعض الاعمال وكان يمكن ان تترك هذه الأعمال لأهل (الولاء) أو أهل (الحظوة). فإذا أخذنا مثلاً أسماء مثل (النفيدي) (أسامة داؤود عبد اللطيف) أسرة (البرير)، (صلاح ادريس)، وغيرها من الأسماء المشهورة في عالم المال والاعمال نجدهم اصحاب توجهات سياسية معروفة في احزاب الاتحادي الديمقراطي والأمة القومي وغيرها من القوى السياسية. ورغم ذلك تعاملت حكومة (الانقاذ) مع (نفيدي) في نقل (انابيب البترول) في اكبر عطاء تحصل عليه شركة ونفذته قبل المواعيد المضروبة، و(النفيدي) الآن يشاركون مساهمين في الميناء البري في الخرطوم وغيره من المشاريع الأخرى. أما (أسامة داؤود عبد اللطيف) فيكفي مشاريعه الكبرى مثل توكيل (دال للسيارات) قد يكون ساهم في توفير سيارات للشرطة وهناك اعمال كثيرة نفذت. أما صلاح ادريس رئيس نادي الهلال المعروف فقد قام بشراء مشروعات كبيرة نفذتها (الانقاذ) مثل مشروع (سارية) للصناعات وكانت الاخبار تحمل كل يوم خبرا ان (صلاح ادريس) اشترى كذا وكذا حتى انطلقت نكتة ان صلاح ادريس اشترى (المشروع الحضاري). والمشروع الحضاري هو المشروع النهضوي التنموي المسنود بالارث السوداني والهوية الاسلامية الذي ارادت الانقاذ ان تنفذه. وكما هو معروف فإن صلاح ادريس معروف التوجه السياسي وهو (اتحادي الأصل) وكان قد رشحت بعض الاخبار انه سينزل في الدائرة (7) شندي منافساً الاستاذ (علي كرتي) ولكن يبدو ان الحزب الاتحادي أعاد ترشيح (عثمان حميدة) الذي فاز بالدائرة في انتخابات (6891)، وبالتالي إذا نظرنا الى هذه الاسماء نجد الاتحادي هو الذي دخل (السوق) وليست (الانقاذ) وهذا ما جهر به مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي لرئاسة الجمهورية الاستاذ (حاتم السر) ان الحزب يعتمد على تمويل الانتخابات من (تجار الحزب) والحمد لله ان حاتم السر لم يقل ان (الانقاذ) انهكت تجار الحزب بالضرائب والجمارك والعوائد وغيرها. ولم يكن مرشح المؤتمر الشعبي لولاية الخرطوم آدم الطاهر حمدون بعيداً عن هذا الاتجاه فقد قال ان اول اعماله سيخرج (شركات ولاية الخرطوم) من (السوق) لأن السوق ليس (للحكومة) وانما (للتجار)!. والى أن تخرج (الجماهير) من (المساجد) الى (السوق) في رحلة الاياب نطلب من السيد الصادق المهدي اعداد كشف بكبار تجار (الجبهة) الذين يوازون أمثال (النفيدي)، (أسامة داؤود)، (صلاح ادريس)، (الكاردينال) وغيرهم عسى أن يكونوا عظة وموعظة لمن أراد أن يتعظ.