رغم الزخم الإعلامي الذي صاحب القرار الذى اصدرته جمعية حماية المستهلك بمقاطعة اللحوم نسبة لغلاء اسعارها والذى دعمته الدولة فى ظاهرة فريدة من نوعها والتى تظهر المدى الذى وصلت اليه الانقاذ فى عجزها عن مجابهة ارتفاع الاسعار، ذلك الارتفاع المذهل الذى جعل المواطن البسيط يقف عاجزا عن مجاراته فقبل القرار بالمقاطعة كانت اغلبية الشعب قد توقفت تقريبا عن استهلاك اللحوم ووصل الحال بالبعض منهم عندما يشتهى اللحمة ان يشترى ربع الربع ..!! (هذا المواطن الذى كان يشترى فى يوم من الايام اللحمة بالوقة وليس بالكيلو ..!!) ان الارتفاع الخرافى فى الاسعار لم يتوقف عند اللحمة وانما طال الزيت والطماطم وحتى الفول طعام الفقراء والذى اصبحت الكمشة الصغيرة منه بخمسمائة وقد يكون للحكومة سببها فى دعم القرار بالمقاطعة لانه يريحها من شعورها بالذنب فى عجزها عن نجدة المواطن وهو يعانى الامرين من ارتفاع السلع كما انه يصرف انظار المواطنين عن السبب الاساسى فى ارتفاع الاسعار وهو الفساد والصرف البذخى على المسئولين والسياسات الاقتصادية الفاشلة، ويحمل العبء لجشع التجار واولهم الجزارون والجزارون ابرياء من هذه التهمة والمتسبب فى ارتفاع الاسعار هى الحكومة نفسها والتى فتحت باب الصادر للحوم على مصراعيه بلا دراسة وبدون معرفة لتأثير ذلك على السوق المحلى وانعكاس ذلك على المواطن بالاضافة لذلك فإن الضرائب والزكاة ورسوم المحليات تلاحق قطيع الماشية من مناطق الانتاج حتى مناطق الاستهلاك وهى التى تسببت فى هذه الزيادة التعجيزية. ان القرار بمقاطعة اللحوم هو مسكن مؤقت والذى قد يخفف من الالم لفترة ولكن لن يزيله فقد تنخفض الاسعار لفترة يومين او ثلاثة ثم تعاود ارتفاعها ........ ان ارتفاع اسعار اللحوم والفول والطماطم وغيرها من السلع له مسبباته الاقتصادية والتى تحتاج لدراسة من متخصصين ووضع العلاج الناجع لها اما قرار المقاطعة فمع احترامنا لجمعية حماية المستهلك فهو فرقعة اعلامية لن تؤثر على الاسعار وحتى اذا اثرت فتأثيرها سيكون سلبياً ويقع على اناس ليسوا هم المتسببون فى غلاء المعيشة فهو سيقع على رأس صغار الجزارين والذين يبيعون اللحوم فى الاحياء الشعبية وفى الاسواق الطرفية. فهم الذين سيكتوون بنار هذه المقاطعة فالجزار البسيط سيشترى اللحمة من التاجر الموزع وعندما تبور اللحمة فانه لايستطيع اعادتها للموزع وسيتحمل الخسارة والتى لن يستطيع ان يتحملها لفترات كبيرة فيضطر لترك عمله وبذلك نزيد من مشكلة العطالة باخراجنا لمجموعة عاملة من عجلة الانتاج وسيضر هذا بالاقتصاد اكثر. ان الحكومة فى حاجة لمواجهة مشكلة ارتفاع الاسعار بجدية اكثر وعدم الاختباء وراء جمعية حماية المستهلك والتنصل من وظيفتها ومسئوليتها الطبيعية بتوفير السلع للمواطن البسيط باسعار يكون فى مقدرته شراؤها. اننى اعتقد ان هذه مهمة الحكومة الاساسية ... ولديها من الوزارات والوزراء والموظفين والمستشارين (والذين يصرف عليهم المواطن الكثير) من الذين يفترض ان يكون همهم توفير لقمة العيش للمواطن وما مهمة الحكومة ودواوينها ان لم تكن توفير الامن والسلع باسعار معقولة لمواطنيها ولكن ان توكل مهمة محاربة غول الغلاء لجمعية حماية المستهلك وهى جمعية صغيرة من المتطوعين فان المهمة اكبر منها بكثير مع تقديرنا لجهدها فهى مهمة حكومة وليس جمعية لان غول الغلاء شرس وهى لن تستطيع ان تلجمه. ان الحكومة فى حاجة لمراجعة كل سياساتها والتى ستقود البلد لهاوية اقتصادية واجتماعية واخلاقية وان تكون اكثر صراحة مع شعبها بدل الحديث المكرر عن ثروات وهمية ستحيل حياتنا لجنة عن كنوز البحر الاحمر والذهب والبترول، وان الدجاج سيصبح طعام الفقراء ........ ان الغلاء الذى اوكلنا محاربته للجنة اخشى ان يتسبب فى ضياع بلادنا التى بدأت مشوار الضياع بهذه الحروب التى اصبحت تأكلها من الاطراف اما الغلاء فسيأكل احشاءها. ٭ قاض سابق [email protected]