عبر الهاتف جاءني الخبر المؤلم الذي قطع نياط قلبي وتركني اتلعثم في حديثي ولا اكمله مع صديقتي التي نقلت الي الخبر وانا خارج الخرطوم في رحلة لولاية سنار، حينها لم استطع النوم كيف وقد نزل علي الخبر نزول الصاعقة، هل حقاً غادرتنا عفاف بخاري؟ لماذا يقتنص منا الموت لحظات الفرح ويتركنا فاغري الأفواه لاندري ماذا نفعل ويشل فينا القدرة على التفكير نزل علي خبرها كما نزل علي خبر صديقتي هدى رضوان امينة الشابات بولاية الخرطوم التي غادرت الدنيا العام الفائت وهي بعد عروس ، والتي كانت معنا في برنامج مشترك فلم نقضِ يومين حتى جاء من يحمل لنا خبر حادث الحركة الذي نُقلت على اثره للمستشفى ومنها للمقابر. لم اتمالك نفسي صرت اصرخ لا اصدق هذا الخبر بل وكذبت من حمل الي خبر موتها كيف تقولون ذلك وانا كنت معها عصر اليوم وقد طمأنني الطبيب على صحتها فرجعت منزلي مطمئنة لحديثه لكنه الموت الذي لا يترك لنا خياراً.. وكذلك كان خبر عفاف بخاري تلك الرائعة فقد عرفتها وانا طالبة في المرحلة الجامعية وهي صحفية بقسم الشؤون الدولية بصحيفة الإنقاذ الوطني جذبني اليها هدوؤها وحماسها للعمل والتقينا مرة اخرى في الإتحاد العام للمرأة السودانية حيث كانت تعمل في امانة الإعلام بالإتحاد حيث أعمل، كانت تمازحني دائماً بقولها لمن حولنا هذه ابنتي في مجال الصحافة وكنت وقتها اتلمس طريقي نحو مهنة المتاعب كاتبة لزاوية بصحيفة الوان قبل ان يستقر بي المقام بتشجيع من استاذي حسين خوجلي الذي فتح لي ابواب صحيفته واسعة الإنتشار وقتها ، وفيها من الصحفيين الكبار الذين انتشروا الآن عبر مختلف الصحف يحملون روح الوان وحقها وجمالها وخيرها ،، وزاملتها في منظمة الإعلاميات السودانيات إذ كانت أمينها العام وكنت اشغل فيها الأمانة الإجتماعية وشؤون الأفراد ، ترهق نفسها كثيراً في العمل حتى تظن انها لن تعمل مرة اخرى فاذا بها اكثر نشاطاً من ذي قبل، تدقق في كل عمل يوكل اليها وتلاحق بالهاتف لحضور الإجتماعات لم تكن إمرأة عادية كانت لطيفة كالنسمة ان غضبت رجعت كأن لم يكن هناك ما أغضبها تتحدث اليك بإهتمام قلما يوجد في غيرها وتستمع اليك بذات الإهتمام، لماذا تعجلتي الرحيل يا عفاف لماذا لم تصبري حتى تري ثمار جهدك وزرعك أذكر ابتسامتك التي لاتفارق وجهك وأذكر إهتمامك بكل صغيرة وكبيرة كيف لا وانت التي توصيننا دوماً بالجد والإخلاص في العمل تقرباً لله وليس لأحد لماذا يتعجل الرائعون الرحيل أصحيح ان الموت نقاد يختار بعناية من يأخذه دون استئذان ، هل تذكرين يا عفاف حين كنا سوياً بالإذاعة السودانية نتحدث انا وانت ضيفتين على برنامج حواري حول قرارات اوكامبو انا اذكر حديثك وحماسك وصبرك على الجلوس رغم تعبك ورهقك حينها ألححتِ علي لتوصيلي لمنزلي ورغم اصراري ورفضي ومعرفتي بمرضك الا انك جعلتيه أمراً يجب الإلتزام به وليس علي سوى الطاعة وقد كان . اذكر جيداً حديثك المتدفق سريعاً حول مهزلة اوكامبو وجرأته وخوفك من مستقبل مجهول وضرورة ان يلعب الإعلام دوراً كبيراً لدحض هذه المزاعم، لا أدري ماذا أقول عنك وكيف أقول سوى ان يد الموت كانت أسرع منا جميعاً حين إختطفتك دون إستئذان ودون توقع وهكذا هو الموت لا يترك للإنسان خيار الذهاب في رحلته او المكوث و(كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) لن يبقى سوى التعزي بذكرى عطرة خلفتها وراءك ونجاح يذكره التاريخ وحب في قلوب كل من عرفوك وعملوا معك او زاملوك، التعازي للأستاذ الإعلامي علي عبدالكريم واسرتك الصغيرة والكبيرة وكل اخوتك في مجال العمل العام والإعلامي والتعازي لنا نحن ان يصبرنا الله على هذا المصاب الجلل طبت حية وميتة جعلك الله في عليين مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.