ذهب اغلب المراقبين الى ان الاجراءات التي اتخذت بحق صحيفة «رأي الشعب» مخالفة لكل من الدستور وقانون الصحافة والمطبوعات، ووصفوا الخطوة بانها «هجمة علي الحريات الصحفية في البلاد» والتي نص علي وجوبها دستور السودان الانتقالي لسنة «2005» وقانون الصحافة والمطبوعات لسنة «2010» .وقال الخبير القانوني نبيل اديب :للصحافة: بان الحكومة تتحدث عن الحريات الصحفية، والحريات العامة وفق الدستور لكنها تتجاوز الدستور وقانون الصحافة والمطبوعات وتحاكم الصحف باجراءات ادارية تعسفية قبل ان يطالها القانون، موضحا ان تعليق او اغلاق أي صحيفة بدون حكم قضائي يعتبر تعديا علي الحريات الصحفية والحريات العامة فى البلاد، كما انه تعدي علي المنشأة وتعدي علي الحقوق العامة للانسان، ومخالفة كبري تلزم الدولة بتقديم تعويض عن كل الاضرار التي نتجت عن ذلك الاجراء. واوضح القانوني اديب ان اية اجراء تعسفي من هذا القبيل ستظهر نتائجه على وجه السرعة، في السجل العام للحريات وحقوق الانسان، مما سيجعل من مهمة المدافعين عن تقدم سجل البلاد في الحريات العامة والحريات الصحفية صعبة ان لم تكن مستحيلة. وبين اديب ان قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية السوداني ليست فيه مادة تغلق الصحيفة او تعتقل صحفيا اوتصادر املاك المؤسسات الاعلامية، ودعا الرجل السلطات الامنية في البلاد ان تعمل علي تطبيق القانون السوداني علي المؤسسات الاعلامية لتعظيم دور القضاء، وليس قانون جهاز الامن والمخابرات الوطني، قائلا : ان جمهورية رواندا ابان اشتعال الحرب الاهلية لم تمنع او تصادر اوتغلق صحيفة علي الرغم من ان صحافتها كانت تستثمر في النعرات العنصرية. ويشير اديب الى ان السودان يواجه الان أزمة حقيقية بسبب ما دعاها ب»ممارسات التعتيم علي المعلومات وحجبها من الصحافة»، وهو ما جعل الشعب يعزف عن شراء الصحف السيارة لانها لم تعد تقدم للقراء المفيد والجديد. بيد ان الحكومة السودانية كانت قد اشترطت في ملتقي الفاشر لقضايا الاعلام الذي انعقد في ديسمبر المنصرم بحضور النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه، اشترطت لرفع القيود عن العمل الصحفي التزام المؤسسات الاعلامية والصحفيين باخلاقيات المهنة وميثاق الشرف الصحفي وقيم المجتمع السوداني ، وتحري الدقة والمصداقية فى نقل الوقائع بجانب تجنب إثارة الضغائن والفتن والاحقاد والقطيعة بين الناس وعدم اشاعة الفاحشة، وطالبت وسائل الاعلام بالكشف عن الفساد دون التشفي او الانتقام ، وقال النائب الاول « نحن لا نخشى ولا نتلجلج وسيوفنا مشرعة لمحاربة الفساد» ، وزاد « الاعلام الملتزم هو السلطة الاولى ولابد من احسان استخدام القيم الاخلاقية الصحفية» ، واضاف « متى ما التزم باخلاقيات المهنة وقيم المجتمع لن نكون فى حاجة لقوانين الصحافة». لكن الدكتور خالد التجاني رئيس تحرير صحيفة الزميلة ايلاف قال «للصحافة» ان الحكومة تعتبر» ان الحريات الصحفية وغيرها حق مملوك للدولة، تعطيه من تشاء وتمنعه ممن تشاء»، في حين ان الاصل في الحرية كما يقول التجاني» هي للشعب واجهزة اعلامه التي تعبر عنه». وابدى رئيس تحرير ايلاف توقعاته بزيادة الضغوط علي اجهزة الاعلام والصحافة في الفترة المقبلة، وقال التجاني ان من الافضل للحكومة» ان تفتح باب الحريات الصحفية كما نص عليها في قانون الصحافة والمطوعات». ومن وجهة نظر رئيس تحرير صحيفة «رأي الشعب الطيب ابراهيم عيسى « فان الحكومة وعبر جهاز الامن والمخابرات الوطني تعتقد ان الخط الذي اتخذته «رأي الشعب» اصبح يمثل الوجه الوحيد المجمع عليه في كل قوى المعارضة. ورأى ان الحكومة ضاقت بهم ذرعا، بحيث لم تعد تتحمل خط الصحيفة. و يقول عيسى ل «الصحافة» عبر الهاتف، ان الحكومة تعاني من أزمات كثيرة ، ولذلك تظن ان خط المعارضة الذي سلكته صحيفة رأي الشعب سيؤلب عليها الجماهير وسيخرجها ضدها اذا ما استمرت في الصدور. ويدافع عيسى عن موقف صحيفته مؤكدا عدم ارتكابها لما يبرر اغلاقها، وقال ان الحكومة لجأت لاستخدام آليات تعسفية ضدها عبر توظيفها لخبر يعود تاريخ نشره الي 23 نوفمبر الماضي2011، لتفتح بلاغا في مواجهة الصحيفة، موضحا ان فحوى الخبر تصريح لاحد قيادات حركة العدل والمساواة قطاع كردفان، وكان قد وقع اتفاق مع الحكومة لكنها لم تلتزم بتنفيذ الاتفاق مما اضطره لان ينفض يده من الاتفاق ويعود ادراجه، مبيناً انه تم استدعاؤه والصحفي أحمد هارون الذي كتب الخبر لنيابة امن الدولة، وتم اعتقالهما لساعات وتم التحري معهما في البلاغ وافرج عنهما بالضمانة التي تولي امرها المدير العام للصحيفة الناجي دهب، مبينا انهم بُعيد خروجهما تم استدعاؤهما الى مقر جهاز الامن والمخابرات الوطني ليتم ابلاغهما بان الصحيفة قد تم تعليق صدورها الي حين ان يفصل في البلاغ المفتوح ضدها. وكشف رئيس تحرير «رأي الشعب» انه تعرض لاستدعاء اخر امس الاول من قبل نيابة الصحافة والمطبوعات ليجد بلاغا اخر قد تم فتحه في مواجهة الصحيفة من قبل جهاز الامن والمخابرات الوطني، بسبب خبر نشر يوم الجمعة 30 ديسمبر الماضي ويتعلق برئيس حركة العدل والمساواة الجديد الدكتور الطاهر الفكي. وقال ان البلاغات المتخذة عادية ولا تستدعي اغلاق الصحيفة ومصادرة ممتلكاتها، وان مجلس الصحافة والمطبوعات لم يعد طرفا فيها . من جهته، شدد الدكتور محى تيتاوى نقيب الصحفيين على رفضهم لكل الاجراءات التي تغلق الصحف دون الاستناد على احكام قضائية. و قال الرجل «للصحافة» عبر الهاتف ان الاتحاد العام للصحفيين السودانيين يرفض كل اجراء يتخذ لاغلاق صحيفة، لا يستند على حكم قضائي، مشيرا الى ان الاجراءات التي اتخذت من قبل جهاز الامن و المخابرات ضد الصحيفة « كان من الافضل ان تتم بواسطة القضاء»، موضحا ان مثل هذه الاجراءات تعوق العمل الصحفي بالبلاد، واضاف «كان من الافضل ان تعالج بالقانون في المحاكم وليس باجراءات الاغلاق». وابان تيتاوي ان مثل هذه الاجراءات ستتخذ من قبل جهات اخري مطية لخلق مشاكل « تضاف الى سجل انتهاكات الحريات الصحفية العالمي»، وموضحا ان اتحاده سيقود حوارا مع السلطات الامنية في الايام القادمة حتي يطلق سراح صحيفة «رأي الشعب»، لكن رئيس اتحاد الصحفيين دعا الصحفيين الي « التمسك بمبادئ الشرف الصحفي واخلاقيات المهنة حتي لايقعوا في الاخطاء التي تغلق الصحف» . فيما وصف مصدر مأذون بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات « فضل حجب هويته» ان الاجراءات التي اتخذها جهاز الامن والمخابرات الوطني في مواجهة صحيفة «رأي الشعب»: اجراءات سياسية وليس لمجلس الصحافة والمطبوعات أية صلة بها. واشار المصدر الى ان المجلس لم يتخذ أي اجراءت قانونية ضد» رأي الشعب» ، مبينا ان هذه الاجراءات سوف «تضع المجلس في موقف صعب».