ربما لم تكن حكاية اعتذار والي ولاية جنوب دارفور السابق والوالي المرشح لولاية شرق دارفور الدكتور عبد الحميد موسى كاشا عن قبوله المنصب الجديد وتغيبه عن أداء مراسم القسم مع ولاة ولايات دارفور الجدد هي حالة (الحرد) السياسي الوحيدة في الساحة السياسية السودانية وبالتأكيد لن تكون هي حالة (الحرد) الأخيرة.. رغم أن تخلف الرجل عن أداء القسم واعتذاره عن المنصب ربما كان لسبب وجيه وهو أنه والٍ منتخب ديمقراطياً من قبل الشعب في انتخابات حرة مفتوحة ومن جهة ثانية فإن الذي نافسه في انتخابات ولاية جنوب دارفور عن حزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور الحاج آدم يوسف ابراهيم اليوم نائباً لرئيس الجمهورية بينما جاء الوالي الذي سبقه في المنصب وهو علي محمود حسب الرسول وزيراً للمالية بينما أرادت الحكومة استقطاع جزء من ولاية جنوب دارفور الكبرى لاستحداث ولاية جديدة هي شرق دارفور ارضاءً لقبيلة (الرزيقات) أكبر القبائل العربية بدارفور. وبالعودة إلى موضوع (الحرد) دعونا نترك دارفور وكاشا ونأتي إلى الخرطوم طارقين أبواب المركز حيث السلطة والثروة فها هو أطول وزير في وزارة الارشاد والأوقاف عمراً الدكتور أزهري التجاني يعتذر عن قبول منصب السفير بوزارة الخارجية ،وبالتأكيد فإن الرجل لا يريد أن يقول إنه كان المسؤول الأول عن الاتصال التنظيمي ومسؤولاً عن دائرة دارفور الكبرى ووزيراً اتحادياً فكيف يأتي اليوم ليصبح سفيراً متنقلاً أو مستقراً بالخارجية؟!! وعلى ذكر أزهري التجاني ولأن الشيء بالشيء يذكر فان سلف أزهري التجاني في وزارة الارشاد والأوقاف الدكتور عصام أحمد البشير (زعل) و(حرد) حينما قرر الإخوان المسلمون إبعاده عن الوزارة فقدم استقالته منهم والتحق بالمؤتمر الوطني!!! وحتى حينما فاته قطار الاستيزار داخل المؤتمر الوطني فضل الغربة على الاستقرار بالبلاد!!! وفي مربع الاخوان المسلمين ايضا لا بد أن ذاكرة كثير من الناس لا زالت تحتفظ بتفاصيل غياب وزيرهم الدكتور سامي عبد الدائم يسن عن الحضور لأداء القسم الدستوري أمام رئيس الجمهورية بعد اعلان اسمه كوزير بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي منذ اكثر من عام ونصف وحتى الآن.. وبالطبع فإن السبب هنا ليس هو (حرد) الفرد انما (حرد) الجماعة بكاملها لأنها ترى أنها تستحق منصب وزير اتحادي بدلاً من وزير دولة!!! الشاهد أن (الحرد) لا يقتصر على المناصب التنفيذية ويحتكره الساسة من الوزراء والولاة فقط فحتى الدبلوماسية شهدت حالات (حرد) كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر (زعل) صلاح كرار الذي كان سفيراً للسودان بدولة البحرين فحينما تم انهاء فترة خدمته دخل في حالة (حرد) ظاهرة إلى درجة اعترف بعدها الرجل بأنه تلقى عروضاً من قبل تجمع المعارضة للانضمام إلى مكوناته السياسية والعسكرية إلا أنه اعتذر عن الانضمام للمعارضة مثل اعتذاره لمواصلة المسيرة مع الحكومة التي كان واحداً من أعضاء مجلس قيادة ثورتها.. ويبدو أن ظاهرة (الحرد) ليست قاصرة على الشماليين فحسب فللإخوة الجنوبيين نصيب وحظ وافر لكنه بالنسبة لهم (حرد) يقود للتمرد وحمل السلاح ودخول الغابة ولعل أقرب مثال حالة (حرد) اللواء قلواك دينق الذي كان حاكماً لأعالي النيل وحينما تم اعفاؤه أعلن عدم قبوله للقرار وخرج إلى مناطق أهله النوير في المناطق الحدودية ما بين ولايتي جونقلي وأعالي النيل متخندقاً ومرتكزاً وسط قواته. وعلى ذكر الولاة ف (الحرد) السياسي لم يستثنِ حتى عبد العزيز آدم الحلو نائب والي جنوب كردفان عندما أعلن رفضه قبول نتيجة الانتخابات التي جرت بالولاية ليتحول من رجل دستوري إلى قائد عسكري متمرد يحتمي بجبال النوبة. وبالطبع كانت الحالة كذلك بالنسبة لوالي النيل الأزرق مالك عقار والغريب أن الأخير عزل عن منصبه بعد تمرده العسكري ومحاولة اجتياحه لحاضرة الولاية الدمازين!!! لكن.. لحن الختام نبقى فيه مع الدكتور حسن الترابي ف (حردته) التي جاءت في أعقاب عزله عن رئاسة المجلس الوطني وحله تماماً بقرار جمهوري انتهت بالرجل ليكون حزباً معارضاً للحكومة حتى اليوم وتبقى حالتا الدكتورين عبد الله حسن أحمد والحاج آدم يوسف هي الأخرى وجهاً من وجوه (الحرد) السياسي وذلك حينما تم الاعلان عن اسم الأول كوزير بمجلس الوزراء والثاني وزيراً للزراعة حيث اعتذرا عن قبول المنصب ولحقا بزعيم المؤتمر الشعبي في العام 2000م!! أيضاً هناك (حردة) وزير المالية الأسبق الدكتور عبد الوهاب عثمان الذي أصر على منع استخدام بعض المؤسسات والمنظمات الخيرية والطوعية (كرت) الاعفاء الجمركي والضريبي وعدم استغلاله في مضاربات الأسواق ،غير أن الدكتور الترابي وكان رئيساً للمجلس الوطني وقتها ضغط في اتجاه اسقاط مشروع القرار مما أدى إلى غضب وزعل وزير المالية الذي ترك الحكومة والتنظيم للانضمام لمنبر السلام العادل.. وفي آخر أيام حكومة الوحدة الوطنية تردد أن وزير الاعلام والاتصالات رئيس حزب الأمة للتنمية الزهاوي ابراهيم مالك هو الآخر قد دخل في حالة (حرد) تاركاً الوزارة ولزم داره واعتكف في منزله نتيجة لما سمى وقتها بتغول وزير الدولة بالإعلام كمال عبيد على صلاحيات الرجل. أما (حردة) وحالة الطيب مصطفى رئيس منبر السلام العادل فهي (حردة) وصفت بأنها (حردة) جعليين حالما تزول مؤثراتها مؤقتاً بعد ان تم عزله من الهيئة القومية للاتصالات كآخر منصب حكومي تولاه، إلا أن (حردة) الجعليين ولدت حزباً سياسياً هو حزب منبر السلام العادل الذي اختتم أعمال مؤتمر شوراه في بحر الأسبوع الماضي.. أخيراً... ليس المهم هو حرد المسؤولين والدستوريين فحينما يزعلون فإن البديل قطعاً سيكون جاهزاً.. لكن المهم هو موقف الحكومة منهم حيث تمتص الضربة بسرعة البرق ولسان حالها يقول (عليكم يسهِّل وعلينا يمهِّل) .!!!